للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زَعْمُهُ تَشَيُّعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَالرَدُّ عَلَيْهِ:

ذكر في [ص ١٨٥] «تشيع أبي هريرة لبني أمية» وقد ذكر تحت هذا العنوان أنه كان مُعْدَمًا، ورماه بكلمات نابية يتعفف القلم عن أن يخطها، وأنه لما شبت الحرب بين عَلِيٍّ ومعاوية انحاز إلى الناحية التي يميل إليها طبعه وهي ناحية معاوية ليشبع نهمه من ألوان موائده الشهية، وذكر أنه لم يثر إِلاَّ بعد أن صانع بني أمية وتزلف إليهم وأغدقوا عليه العطاء، وأن ولاة بني أمية على المدينة كانوا ينيبونه عنهم إذا ما غابوا عنها، ولقد أسف في هذا الفصل إسفافًا لا يليق برجل ذي دين وخلق فضلاً عن مسلم.

وَقَدْ قَدَّمْتُُ الرَدِّ على بعض هذه الفرى، وأزيد هنا فأقول:

١ - أبو هريرة لم يكن مُتَشَيِّعًا لبني أمية يَوْمًا مَا، وإنَّ ثراءه كان قبل بني أمية بزمن طويل، وقصة محاسبة عمر له على أمواله أكبر شاهد على ذلك وقد عرض لها المؤلف [ص ١٩٢] وإن كان حَرَّفَهَا وَبَدَّلَهَا، والروايات الصحيحة تدل على أن أبا هريرة كان معارضًا لبني أمية، وَمُنَدِّدًا بِوُلاَّتِهِمْ السُّفَهَاءِ روى الإمام البخاري في " صحيحه " عن عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني جَدِّي قال: «كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة ومعنا مروان فقال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ» وفي رواية: «غِلْمَةٍ سُفَهَاء». فقال أبو هريرة: «لَوْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلاَنٍ، وَ [بَنِي] فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ».

وكان ذلك كما قال الحافظ في " الفتح " في زمن معاوية، فهل يصح في المعقول أن من يقول: هذا يكون مُتَشَيِّعًا لبني أمية؟؟

٢ - وأصرح من ذلك في الدلالة على شجاعته وجرأته في الحق وتنديده ببني أمية ما رواه ابْنُ أَبِي شَيْبَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ:

«أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ إِمَارَة الصِّبْيَان، قَالُوا وَمَا إِمَارَة الصِّبْيَان؟ قَالَ: إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ هَلَكْتُمْ - أَيْ فِي دِينكُمْ - وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ أَهْلَكُوكُمْ .. أَيْ فِي دُنْيَاكُمْ بِإِزْهَاقِ النَّفْس أَوْ بِإِذْهَابِ الْمَال أَوْ بِهِمَا» بل روى ابْنُ أَبِي شَيْبَة اَيْضًا: «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَمْشِي فِي السُّوق وَيَقُول: اللَّهُمَّ لاَ تُدْرِكنِي سَنَةَ

<<  <   >  >>