للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ، أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} (١).

فقد أنكر عليهم قولهم: إن النَّبِيَّ شاعر وبالتالي ينتفي كون ما جاء به شِعْرًا، فهل بعد ما سمعت من أقوال الله وأقوال الراسخين من أهل العلم يزعم المؤلف أنه على شيء من العلم أو على شيء من الإيمان؟!.

زَعْمُهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَحْفَظْ القُرْآنَ:

وقال في [ص ١٨٠]: «ومن عجيب أمر الذين يثقون بأبي هريرة ثقة عمياء أنهم يمنعون السهو والنسيان عنه، ولا يتحرجون من أن ينسبوهما إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكر حديثًا في نسيان النَّبِيِّ بعض سور من القرآن إلى أن قال: «وإذا كان أبو هريرة على ما وصف به نفسه ذَكِيًّا فَطِنًا قوي الذاكرة واسع الحافظة ضَابِطًا لكل ما يسمع لا تفلت منه كلمة ولا يند عنه لفظ فلم لم يحفظ القرآن على فراغه وطول عمره في الإسلام؟ وقد حفظه كثير من الرجال وكذلك بعض النساء ومنهم أم ورقة، ولكن الأمر قد جرى على غير ذلك، فلم يكن له شأن يذكر في زمن النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا في عهد الخلفاء الراشدين، وقد حدثناك من قبل عن مبلغ ثقة عمر به، فقد كان ينهاه عن رواية الحديث ولما لم يرجع ضربه بالدرة وأنذره إذا هو روى أن ينفيه إلى بلاده، ولو كان أبو هريرة على ما زعم لأباح له وحده الرواية، وكان عنده وعند غيره أصدق من روى، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل إنهم قد اتهموه في الرواية كما سترى ذلك فيما بعد واضحًا محققًا إن شاء الله».

ولا أدري من ذا الذي زعم من العلماء قديمًا وحديثًا أن أبا هريرة لا ينسى ولا يسهو، إنه بشر ينسى ويسهو ولكن الله أكرمه ببركة دعاء النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما نسي من حديث النَّبِيِّ بعد قصة بسط الثوب شيئًا، وقد قدمنا شهادة الواقع له وشهادة كبار الصحابة والعلماء له، مِمَّا لا داعي لإعادته، ثم من أين «لأَبِي رَيَّةَ» أنه لم يحفظ القرآن في حياة النَّبِيِّ وبعد حياته؟ ولماذا لم يذكر لنا سنده في هذا لنناقشه؟؟ وقد ذكر الإمام السيوطي في " الإتقان " (٢) عن أبي عبيد أن أبا هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان من قُرَّاء الصحابة وأنه قرأ على أقرأ الصحابة أُبَيٍّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ومن قواعد أدب البحث أن المثبت مقدم على النافي، ولو سلمنا جدلاً أنه


(١) [سورة الطور، الآيتان: ٢٩، ٣٠].
(٢) ج ١ ص ٧٢.

<<  <   >  >>