للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أئمة المُحَدِّثِينَ نقدوها وزيفوها وبينوا بطلانها، وقد ثبت بالأدلة القاطعة التي لا يرقى إليها الشك أن عمر الدنيا أضعاف أضعاف ذلك مِمَّا يؤكد زيف هذه الروايات وبطلانها.

تَحْرِيفٌ فِي مَعْنَى حَدِيثٍ:

قال في [ص ٢١٤]: وفي حديث لـ " مسلم " أن الساعة تقوم قبل انتهاء القرن الأول الهجري أقول: ولعل مراده بحديث " مسلم " هو أن النَّبِي قال قبل أن يموت بشهر «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ، لاَ يَبْقَى، مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، أَحَدٌ» فَوَهَلَ الناس في مقالة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سَنَةٍ، وإنما قال النَّبِي لا يبقى مِمَّنْ هو اليوم على ظهر الأرض يريد بذلك أنها تخرم القرن.

والحديث ظاهر في أن المراد انقراض أهل ذلك القرن، وأنه ليس المراد قيام الساعة الكبرى، وقد غلط المؤلف في فهمه كما غلط أناس من قبل ولو تأمل المؤلف في هذه الرواية لما وقع في هذا الزعم الكاذب.

أَحَادِيثُ الفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ:

ثم قال: «وقد أعرضنا كذلك عن إيراد أخبار الفتن وأشراط الساعة ونزول عيسى التي ذخرت بها كتب السُنَّةِ المعتمدة بين المسلمين والمقدسة من الشيوخ الحشويين، وكذلك أهملنا ذكر الأحاديث الواردة في خروج النيل والفرات وسيحون وجيحون من أصل سدرة المنتهى فوق السماء السابعة وهي في " البخاري " وغيره».

أقول:

أما أخبار الفتن وأشراط الساعة ونزول عيسى فقد روي في ذلك أحاديث صحاح وحسان بل منها ما وصل إلى حد التواتر كأحاديث نزول عيسى في آخر الزمان كما قال الإمام الشوكاني، ومن الأحاديث المروية في هذا ما هو ضعيف أو موضوع، وقد نَقَدَ المُحَدِّثُونَ كل ذلك وَمَيَّزُوا بين الصحيح والمعلول والمقبول والمردود.

<<  <   >  >>