للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عجيب أمر هذا المؤلف أنه يعتمد في نقل بعض الأحاديث التي توافق هواه على كتب الأدب كـ " نهاية الأرب "، وكتب التاريخ كـ " المعجب في تلخيص أخبار المغرب " على حين يطعن في أحاديث في " الصحيحين " بالوضع ما دامت على غير هواه. ولا أدري كيف غاب عنه أَنَّ كتب الأدب والتواريخ ونحوها تجمع الغث والسمين والمقبول والمردود، فكيف يعتمد عليها فيما ينقل؟ أَلاَ إِنَّ المعول عليه في السُنَّة هي كتب الحديث المعتمدة التي تبرز الأسانيد أو تعزو الأحاديث وتميز بين الصحيح والضعيف والمقبول والمردود.

زَعْمُ أَبِي رَيَّةَ أنَّ فِي الإِسْلاَمِ مَسِيحِيَّاتٌ وَطَعْنُهُ فِي تَمِيمِ الدَّارِي:

في ص [١٤٠] ذكر عنوان المسيحيات في الإسلام وقال: إذا كانت الإسرائيليات قد لوثت الدين الإسلامي بمفترياتها، فإنَّ المسيحيات كان لها كذلك نصيب مِمَّا أصاب هذا الدين، وأول من تولى كِبْرَ هذه المسيحيات هو تميم بن أوس الداري، ثم عرض لأحاديث زعم أنها من المسيحيات.

فمن ذلك ما ذكره في [١٤١] حيث قال: «مِمَّا بثه تميم الداري من مسيحياته ما ذكره النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قصة الجساسة والدجال ونزول عيسى وغير ذلك» ... إلخ ما قال.

حَدِيثُ الجَسَّاسَةِ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ:

أما حديث الجساسة فقد رواه الإمام مسلم في " صحيحه " (١) عن فاطمة بنت قيس وذلك «أَنَ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي: الصَّلاَةَ جَامِعَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاَّهُ "»، ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلاَ لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لأََنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ المَسِيحِ الدَّجَّالِ»، ثم ذكر لهم قصة تميم وخروجه مع جماعة من قومه راكبين سفينة فَضَلُّوا شهرًا في البحر حتى وصلوا إلى جزيرة في البحر فنزلوها فوجدوا دابة عظيمة فكلمتهم ثم دلتهم على شخص بمكان الجزيرة فذهبوا إليه فَحَدَّثَهُمْ


(١) " صحيح مسلم بشرح النووي ": ج ١٦ ص ٧٨ - ٨٤.

<<  <   >  >>