إِنَّ هذه الحكايات وأمثالها - وما أكثرها في كتب الأدب - مِمَّا لا تصح نقلاً ولا توافق عقلاً إنما ذكرت في كتب يقصد من ورائها قتل الوقت وشغل الفراغ والتفكه والتندر، وكان الأليق بها الإهمال في معرض البحث العلمي، أما أنها توضع في كتاب في تاريخ السُنَّة، ويعتمد عليها في تجريح رجل من كبار أهل العلم، فضلاً عن كونه صحابيًا جليلاً زَكَّاهُ الرسول والرعيل الأول من خيار المسلمين، فهذا ما لم نعهده في أسلوب البحث في القديم ولا في الحديث.
وَمِمَّا لا يقضي منه العجب أَنَّ صاحب هذه السقطة الشنيعة يكتب على غلاف كتابه ما نصه:" دراسة مُحَرَّرَةٌ تناولت حياة الحديث المحمدي وتاريخه وكل ما يتصل به من أمور الدين والدنيا "، وهذه الدراسة الجامعة التي قامت على قواعد التحقيق العلمي، هي الأولى في موضوعها، لم ينسج أحد من قبل على منوالها .. » ولقد صدق، فهي مُحَرَّرَةٌ من قواعد البحث العلمي الصحيح ومن صحيح النقل وسليم العقل، وهي الأولى في موضوعها خَلْطًا وسباباً وتجنياً، وكيف ينسج أحد من قبل على منوالها، وقد تَعَرَّتْ من التحقيق والصدق والعدل؟!.
وهكذا يَتَبَيَّن لنا جَلِيًّا أَنَّ المؤلف - وقد سمعت طَرَفًا من بحثه ودراسته - قد التوى بالبحث وتنكب به طريق التحقيق والعدل والإنصاف.
وما لا ترتاح إليه النفوس الكريمة وتأبى أَنْ تنغمس فيه الأقلام العفيفة ما نضحت به نفس المؤلف وجرى به قلمه، مِنْ تَهَكُّمٍ بأبي هريرة وسباب وهجر من القول، مِمَّا لا نرضاه ولا يرضاه رجل ذو دين وَخُلُقٍ لرجل من رعاع الناس وسفلتهم، فضلاً عن صحابي كريم من أصل عربي كريم، وكنا نحب من رجل يكتب في السُنَّة أَنْ يَتَأَدَّبَ بأدب صاحبها وأدب أئمتها ورجالها، كالبخاري وغيره.
وإليك بَعْضًا من هذا، ومعذرة إذا كان القلم جرى بحكاية هذا السباب والسفاه.
أَمْثِلَةٌ مِنْ هَذَا الإِسْفَافِ فِي النَّقْدِ:
فمن ذلك ما ذكره في [ص ١٥٢]: «وكان بينهم - أي الصحابة - لا في