وقد لاحظ بعض المستشرقين أن " مسند أحمد " تتجلى فيه الشجاعة وعدم الخوف من العباسيين بذكر أحاديث في مناقب بني أمية، مما كان منتشرًا بين الشاميين وكان على العكس من ذلك البخاري ومسلم فإنهما لم يذكراها مداراة للعباسيين، كما أن " مسند أحمد " لم يتحرج من ذكر أحاديث كثيرة في مناقب علي وشيعته.
وقد رد هذا الرأي صاحب " الضحى "، وقد رأيت أن أرد على هذا الافتراء رَدًّا مُفَصَّلاً فأقول:
الرَدُّ عَلَى هَذِهِ الشُبْهَةِ:
[١] إن الغرض الذي يهدف إليه هذا المستشرق من هذا الكلام هو الطعن في أئمة الحديث وجامعيه بالجبن والخوف، وأنهم كانوا يستميلون الحكام، ويطلبون رضاهم بوضع الأحاديث في فضائلهم ومثالب أعدائهم ليصل إلى ما يريد وهو الطعن في صحة هذه الكتب، والتشكيك فيها ليصلوا من ذلك إلى تقليل الثقة بكتب الأحاديث من صحاح، وسنن ومسانيد، ومعاجم وغيرها وإذا تم لهم ذلك فقد انهدم الركن الثاني من أركان التشريع في الإسلام، وإذا ما انهدم هذا الركن فقد يستعجم فهم القرآن الكريم على المسلمين وإذا ما انهدم الركن الثاني، واستعجم فهم القرآن فقل على الإسلام العفاء، ولن يكون ذلك أبدًا إن شاء الله تعالى ما دام هناك في المسلمين علماء عاملون محبون للسنن والأحاديث قادرون على رد الشبه عنها.
[٢] إن الأمر ليس أمر خوف وشجاعة ولا أمر مداراة ومداهنة ولكن الأمر أمر شروط والذين ألفوا في جمع الحديث والسنن قد شرطوا لتخريج الأحاديث في دواوينهم شروطا التزموا بها ولم يحيدوا عنها وهؤلاء ليسوا سواء فمنهم المبالغ المتشدد الذي لا يخرج إلا ما ثبتت صحته كأصحاب الصحاح وعلى رأسهم البخاري ومسلم