آخِرُهُمُ الأَعْوَرُ الدَّجَّالُ». وقد جاء الواقع مُؤَيِّدًا لهذا الحديث كل التأييد فمن هؤلاء الدجالين من ظهر كَمُسَيْلِمَةَ وَالأَسْودَ العَنْسِيَّ في القديم، وغلام أحمد القادياني الذي ظهر ببلاد الهند في العصر الأخير، ومنهم من سيظهر حتى يكون آخرهم الدجال الأكبر وهو الذي سيقتله عيسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -.
وما دامت هذه الأمور الغيبية ممكنة وأخبر بها الصادق المصدوق - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجب الإيمان بها والتصديق، وليس لنا تحكيم العقل فيها لأنها من الغيوب التي هي فوق إدراك العقول.
في [ص ٢١٤] ذكر عُمْرَ الدنيا وقال: إن في " تفسير الآلوسي " أن السيوطي أخرج عدة أحاديث في أن عمر الدنيا سبعة آلاف سَنَةٍ وذكر أن مدة هذه الأُمَّة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادة خمسمائة سَنَةٍ.
وتقريرًا للحقيقة أقول:
إن الإخبار عن عمر الدنيا وتحديد ذلك بسبعة آلاف سَنَةٍ وأن النَّبِيَّ بعث في آخر السادسة وَرَدَ فيها حديث مرفوع، وقد حكم عليه جهابذة الحديث وصيارفته كابن الجوزي وغيره بالوضع، وما دامت كذلك فلا يقام لها وزن ولا نتخذ منه سبيلاً للطعن في الأحاديث وقد جاءت بعض الأخبار موقوفة على الصحابة والتابعين، وهي على تسليم ثبوتها عمن رويت عنهم فهي من الإسرائيليات الباطلة التي حملها هؤلاء عن مُسْلِمَةِ أَهْلِ الكِتَابِ بحسن نِيَّةٍ ومعاذ الله أن يكون لها حكم الرفع، وتحديد عمر الدنيا بسبعة آلاف سنة من جهالات اليهود الذين افتروا على الله وعلى الخلق وعلى العلم.
وأحب أن أقول للمؤلف إن الإمام السيوطي، وإن كان أداه اجتهاده إلى اعتماد بعض تلك الأخبار الإسرائيلية فقد أخطأه الصواب لا محالة وأي إنسان غير معصوم من الخطأ؟ والعصمة إنما هي للهِ ولرسله، وإذا كان السيوطي اعتمدها فهناك غيره