بالأخذ بالخبر الذي يغلب على الظن صدقه فهذا أمر مأخوذ من القرآن وَالسُنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ وأجمع عليه العلماء ودل عليه العقل والنقل، والأخذ بالظن الغالب إنما هي في الأحكام الفرعية، أما العقائد فلا تؤخذ إِلاَّ مِمَّا يفيد العلم واليقين ولا يكفي فيها الظن وعلى هذا تتنزل الآيات التي ذكرها فالظن لا يغني من الحق شيئًا في باب العقائد كالتوحيد وأصول الدين ثم كيف يتفق استشهاده بآية نفي صلب المسيح وأنه من الظنون وما ذكره آنفًا من أن مسألة صلب المسيح متواترة؟!!.
الحق أني في حيرة من أمر هذا المؤلف المضطرب المتناقض مع نفسه!!!.
في [ص ٢٤٦] قال: «أما المتكلمون فقد عرف من حالهم أنهم يَرُدُّونَ كل حديث يخالف ما ذهبوا إليه ولو كان من الأمور الظنية، فإذا ورد عليهم حديث صحيح عند المُحَدِّثِينَ أَوَّلُوهُ إن وجدوا تأويله قريب المأخذ أو ردوه مكتفين بقولهم هذا من أخبار الآحاد وهي لا تفيد إِلاَّ الظن» وهو كلام متهافت يبطل آخره أوله، ولا أدري كيف يتفق قوله إنهم يَرُدُّونَ كل حديث ... وقوله: فإذا أورد عليهم .... وكثير من المتكلمين يأخذون بالأحاديث الصحيحة الآحادية، ومن أراد أن يتأكد من هذا فليرجع إلى باب السمعيات وأحوال الآخرة في كتب التوحيد وسيرى أنهم أخذوا بكثير من الأحاديث الصحيحة في هذا، ثم إن المتكلمين ليسوا سواء، فمنهم المتثبت المتأني في بحثه، ومنهم المتسارع في رد الأحاديث المتهجم عليها.
وأما حديث «تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ» فقد عرضنا له فيما سبق وأما ما عرض له في الحاشية من أن المتكلمين يسمون المُحَدِّثِينَ بِالحَشْوِيَّةِ ويصفونهم بأنهم أجهل الناس فهو سفاه لا يستحق الرَدِّ، ولعله يشفي به نفسه من دائها العضال، ولن يعدم الباحث أن يجد بين المتكلمين من هو سفيه متحامل على المُحَدِّثِينَ كما لا يعدم أن يجد بين الطوائف المنتسبة العلم - زُورًا - سفهاء ذَوِي أَلْسنِةٍَ حداد لا يرعوون، ولا يراعون العلماء إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً.