للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زَعْمُهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يُذْكَرْ فِي طَبَقَاتِ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَتْ لَهُ فَضِيلَةٌ وَلاَ مَنْقَبَةٌ:

في [ص ١٨٤] قال: «ومن هو أبو هريرة حتى يؤثره النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيء يخصه به، ويكتمه ويخفيه من أصفيائه وأحبابه وأقرب الناس إليه، إنه لم يكن له أي فضل يدنو به إلى النَّبِيِّ، ولا عُدَّ بعد انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى من أية طبقة من طبقات الصحابة، فلا هو من السابقين الأولين، ولا من المهاجرين ولا من الأنصار، ولا من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم، ولا من النقباء، ولا من العرفاء، ولا من الكملة في الجاهلية وأول الإسلام، ولا من شعراء النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذين نافحوا عنه، ولا من المفتين، ولا من القُرَّاءِ الذين حفظوا القرآن، ولا جاء في فضله حديث عن الرسول، وكل ما عرف عنه أنه كان عريف أهل الصفة لا أكثر ولا أقل.

ثم زاد الجهل جهلاً فجاء في الحاشية [ص ١٨٤] فذكر: أنهم قسموا الصحابة من حيث فضلهم إلى اثتني عشرة درجة ثم ذكرها ... وقد مَثَّلَ الحاكم لكل طبقة ببعض الصحابة ولم يذكر أبا هريرة فيمن مَثَّلَ بهم. وقال في حاشية [ص ١٨٥]: روى البخاري وغيره أحاديث كثيرة في فضائل طائفة كبيرة من أجلاء الصحابة لم نر بينهم أبا هريرة.

وفي الحق أنَّ المؤلف لم يغرق في الجهل مثل ما أغرق في هذه الفقرات وإليك مفصل الحق فيما ذكره: أما ما زعمه من أنه لم يعد في أي طبقة من طبقات الصحابة فمردود، ولو كان على شيء من العلم والفهم لعلم أنه مِمَّنْ هاجر بين الحديبية والفتح، إذ الثابت أنه قدم على النَّبِيِّ مهاجرًا من بلده سَنَةَ سَبْعٍ، والحاكم حينما قسم الصحابة إلى اثتني عشرة طبقة إنما قصد التقسيم الكلي، ولم يقصد سرد أسماء كل طبقة ولا استيعابهم، لأن هذا أمر يطول، وكان على المؤلف - وهو الذي يزعم أنه طوف في مئات الكتب - أن يعرف أنه في الطبقات التي دللناه عليها.

وأما ما زعمه من أنه لم يكن له أي فضل يدنو به إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فغير صحيح، فبحسبه فضلاً أنه صاحب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه لازمه ما يزيد عن ثلاث

<<  <   >  >>