للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب:

هو ما قدمته في هذا الكتاب (١) من أنه لا إشكال في الحديث، وأنه من قبيل المجاز والتمثيل، ومثل هذا المجاز قريب، ومستساغ ومستفيض في لغة العرب، وإنما يستشكل مثل هذا من لم يتذوق لغة العرب وما لهم من الافتنان في الأساليب وطرق البيان.

حَدِيثُ الشَّيَاطِينِ المَسْجُونَةِ:

قال: وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص. صاحب الزاملتين (٢) قال: «إن في البحر شياطين [مسجونة] أوثقها سليمان، يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا».

وهو موقوف عليه وليس بمرفوع إلى النبي فلا يضيرنا، على أن الحديث ليس فيه ما يستشكل لمن يؤمن بعالم الجن، وليس فيه ما يحيله العقل، وإن كنت أميل إلى أنه يجوز أن يكون مما حمله عن الكتب التي أصابها في موقعة «اليرموك» من كتب أهل الكتاب، ولا يقولن قائل: إن هذا مما له حكم الرفع، لأنا نقول: إن أئمة الحديث نصوا على أن كلام الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه له حكم المرفوع إذا لم يكن الصحابي معروفا بالأخذ عن الإسرائيليات كعبد الله بن عمرو بن العاص مثلا، فهذا ليس له حكم المرفوع قطعا.

حَدِيثُ العَجْوَةِ وَكَوْنِهَا دَوَاءٌ:

قال: وروى " البخاري " في باب الدواء بالعجوة للسحر عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اصْطَبَحَ كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ وَلاَ


(١) ص ٤٩ وقد سقت هناك الحديث بتمامه.
(٢) تثنية زاملة وهي البعير الذي يحمل عليه، وكان عثر على حمل بعيرين من كتب أهل الكتاب في «اليرموك» فكان يُحَدِّثُ ببعض ما فيها من غير أن يرفعه إلى النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن ثم تحاشى بعض الرُواة الرواية عنه احتياطاً.

<<  <   >  >>