وقد روى هذا الحديث كذلك أحمد والنسائي عن أبي هريرة، وقد قال البخاري وابن كثير وغيرهما: إن أبا هريرة قد تلقى هذا الحديث عن كعب الأحبار، لأنه يخالف نص القرآن في أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام قال: ومن العجيب أن أبا هريرة قد صرح في هذا الحديث بسماعه من النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنه قد أخذ بيده حين حدثه به. قال: وإني لأتحدى الذين يزعمون في بلادنا أنهم على شيء من علم الحديث وجميع من هم على شاكلتهم في غير بلادنا أَنْ يُحِلُّوا لنا هذا المشكل، وأن يخرجوا بعلمهم الواسع شيخهم من الهوة التي سقط فيها ثم تَهَكَّمَ بأبي هريرة ما شاء له أدبه أن يتهكم!.
وللجواب عن ذلك أقول:
هذا الحديث قد تنبه إليه المُحَدِّثُونَ من قديم الزمان، وَأَعَلُّوهُ وَتَكَلَّمُوا فيه فمنهم من قال: إنه غير ثابت لأن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى وإبراهيم لا يحتج به، فقد سئل عنه علي بن المديني شيخ البخارى فقال:«وَمَا أَرَى إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا إِلاَّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى» وإبراهيم بن [أبي] يحيى هذا قال فيه الإمام أحمد «كَانَ قَدَرِيًّا مُعْتَزِلِيًّا جَهْمِيًّا، كُلُّ بَلاَءٍ فِيهِ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ وَكَانَ يَضَعُ» وقال ابن معين: «كَذَّابٌ رَافِضِيٌّ» فبمثل هذا السند لا يثبت متن الحديث ولا المشابكة المسلسل بها بسبب وجود إبراهيم في السند صراحة أو تدليسًا (١) وإذا كان الحديث [مُخْتَلَقًا] مكذوبًا على النَّبِي وعلى أبي هريرة ومن جاء بعده من الثقات فلا يصح أن يرتب عليه باحث حُكْمًا هو فرع عن ثبوته.
ومنهم من أنكر رفع الحديث إلى النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأن أبا هريرة إنما أخذه من كعب الأحبار، وأن بعض الرواة وهم في رفعه والأصح وقفه على كعب، وإلى هذا ذهب إمام الأئمة البخاري في " تاريخه " فقال «رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن كَعْبِ الأَحْبَارِ وَهُوَ الأَصَحُّ» ووافقه على هذا العلاَّمة ابن كثير قال: