للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصدق «الشوكاني» فإنه لم يخالف في الاحتجاج بالسُنَّة إِلاَّ الخوارج والروافض، فقد تمسَّكوا بظاهر القرآن وأهملوا السُنن، فضلُّوا وأضلُّوا، وحادوا عن الصراط المستقيم.

وقد استفاض القرآن والسُنَّة الصحيحة الثابتة بحُجية كل ما ثبت عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (١) وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (٢).

. قال ميمون بن مهران: «الرَدُّ إِلَى اللهِ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِهِ، وَالرَدُّ إِلَى الرَّسُولِ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ».

وقال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣) وما قضى به النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشمل ما كان بقرآن أو بِسُنَّةٍ، وقد دلَّت الآية على أنه لا يكفي في قبول ما جاء به القرآن وَالسُنَّةِ الإذعان الظاهري بل لا بُدَّ من الاطمئنان والرضا القلبي.

وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٤) فقد جعل - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - طاعة الرسول من طاعته، وحذَّر من مخالفته فقال - عَزَّ شَأْنُهُ -: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٥) فلولا أنَّ أمره حُجَّةٌ ولازم لما تَوَعَّدَ على مخالفته بالنار.

وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} (٦).


(١) [آل عمران، الآية: ٣١].
(٢) [سورة النساء، الآية: ٥٩].
(٣) [سورة النساء، الآية: ٦٥].
(٤) [سورة النساء، الآية: ٨٠].
(٥) [سورة النور، الآية: ٦٣].
(٦) [سورة الأحزاب، الآية: ٢١].

<<  <   >  >>