١ - إن هذا الكلام ينبئ عن جهل فاحش بالقرآن والتواتر فهو يفهم أن تواتر القرآن جاء من كتابته، لاَ يَا عَلاَّمَةَ آخِرَ الزَّمَانِ!! إن تواتر القرآن جاء من كونه كان - ولا يزال - يحفظه الألوف المُؤَلَّفَةِ من المسلمين في كل عصر ولم يزل ينقله الألوف عن الألوف حتى وصل إلينا متواترًا، لا تزيد فيه ولا نقص، ولا تغيير ولا تبديل، ولو أن المُعَوَّلَ عَلَيْهِ في التواتر التدوين والكتابة لتواترت آلاف الكتب التي دونت في القديم والحديث في أنواع العلوم والمعارف مع أن أي كتاب منها لم يحظ بالتواتر بمعناه العلمي الصحيح، إن المُعَوَّلَ عَلَيْهِ في التواتر الأخذ والتلقي شفاهًا عن جمع كثير يستحيل تواطأهم على الكذب وهؤلاء عن جمع كثير غيرهم وهكذا حتى نصل إلى المصدر الأصلي الذي نقل عنه الكتاب، ولو فرضنا أن السُنَّةَ دُوِّنَتْ في عهد النَّبِيِّ ومن جاء بعده من الصحابة من غير أن يحفظها بلفظها هذا الجمع الكثير عن مثله لما ثبت لها التواتر، وهذا من البدهيات التي نربأ بطالب مبتدئ أن يجهلها، ومع تأخر تدوين السُنَّةِ تَدْوِينًا عَامًّا عن جمع القرآن في مصحف واحد فقد وردت فيها أحاديث متواترة ولكنها قليلة.
والخلاصة أن التدوين والتواتر غير متلازمين.
٢ - وكذا قوله: وكان فقهاء الدين ... جهل آخر بمسالك الاختلاف بين الأئمة، وليس أدل على بطلان زعمه من أن القرآن - وهو المتواتر قَطْعًا - لم يمنع تواتره الفُقَهَاءَ العلماء من عهد الصحابة إلى يومنا هذا من الاختلاف في فهمه واستنباط