بن عقيل أنه سمع جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «بَلَغَنِي عَنْ رَجُلٍ حَدِيثٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا ثُمَّ شَدَدْتُ رَحْلِي فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ فَإِذَا عَبْد اللَّه بْن أُنَيْسٍ»، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: «قُلْ لَهُ جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ»، فَقَالَ: «اِبْنَ عَبْدِ اللهِ؟» قُلْتُ: «نَعَمْ»، فَخَرَجَ فَاعْتَنَقَنِي. فَقُلْتُ: «حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ» فَقَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً ... » الحديث.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ يَبْلُغْنِي عَنِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ فِي الْقِصَاصِ , وَكَانَ صَاحِبُ، الحَدِيثِ بِمِصْرَ , فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فَسِرْتُ حَتَّى وَرَدْتُ مِصْرَ , فَقَصَدْتُ إِلَى بَابِ الرَّجُلِ». فذكر نحو القصة الأولى.
وأخرج الطبراني من حديث مسلمة بن مخلد قال: أتاني جابر فقال لي: «حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَرْوِيهِ فِي السَّتْر عَلَى اَلْمُسْلِمِ»،فذكره. والظاهر أنها قصص مُتَعَدِّدَةٌ رحل فيها جابر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَة.
وَرَحَلَ السَيِّدُ الجَلِيلُ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ بِسَبَبِ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ فِي السَّتْر عَلَى اَلْمُسْلِمِ، رواه أحمد بسند منقطع، وروى أبو داود في " سننه " مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ [أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ في حديث.
وعلى هذا الدرب الواضح سار التابعون ومن جاء بعدهم من أئمة العلم والدين، روى الخطيب عن عبيد الله بن عدي قال: «بَلَغَنِي حَدِيثٌ عِنْدَ عَلِيٍّ فَخِفْتُ إِنْ مَاتَ أَنْ لاَ أَجِدهُ عِنْدَ غَيْرهِ، فَرَحَلْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الْعِرَاقَ».
وروى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: «إِنْ كُنْت لأَرْحَلُ الأَيَّام وَاللَّيَالِي فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ».
وأخرج الخطيب عن أبي العالية قال: «كُنَّا نَسْمَع عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ نَرْضَى حَتَّى خَرَجْنَا إِلَيْهِمْ فَسَمِعْنَا مِنْهُمْ» (١).
قال الشعبي في مسألة أفتى فيها: «أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، [قَدْ] كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ».
وقد روى " الدارمي " بسند صحيح عن بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «إِنْ كُنْتُ لأَرْكَبُ إِلَى
(١) " فتح الباري ": ١/ ١٤١، ١٤٢.