لمرض خاص، فلو أن التجربة فشلت لا يدل ذلك على عدم صحة الحديث، وعدم مطابقته للواقع لجواز أن لا يكون المرض الذي أجريت فيه التجربة من الأمراض العينية الذي لا تفيد فيه الكمأة أو أن الكمأة التي استخدمت في التجربة ليست هي المرادة من الحديث، ولجواز أن يكون فشل التجربة لأمر خارج عن طبيعة الكمأة.
وها نحن في عصر التقدم الطبي العجيب نجد أن العملية الطبية التي أصبحت في حكم المقررات العلمية الثابتة تنجح في بعض الأحيان ولا تنجح في البعض الآخر لظروف خارجة عن طبيعة الدواء أو لوجود بعض تلوثات في الجو، أو في الآلة، أو لخطأ الطبيب في تشخيص الداء، أو لعدم مصادفة الدواء مكان الداء، وإخواننا الأطباء النطاسيون يعرفون في هذا أكثر مما أعرف فكيف يقول قائل: إن التجربة هي كل شيء في تصحيح الحديث أو عدم تصحيحه.
أضف إلى ذلك أن النباتات الطبية قد تسلب خصائصها، فالكمأة وغيرها من المخلوقات خلقت في الأصل سليمة عن المضار، ثم عرضت الآفات بسبب أمور أخرى من مجاورة لغيرها أو امتزاج بغيرها أو غير ذلك من الأسباب، فلو أننا أجرينا التجربة على كمأة موجودة اليوم لا يكفي فشلها في الحكم على كذب الحديث لجواز أن تكون منافعها قد زالت، وكثير من النباتات تفقد خواصها بمرور الزمن أو بتغير البيئة المحيطة بها.
ويصدق ما أقول ما جاء في صحيفة " الأهرام " القاهرية الصادرة في يوم الجمعة الموافق ٦/ ٩ / ١٩٦١ تحت عنوان " حديقة النباتات الطبية " ما نصه: «والنظريات الطبية تعترف بأن النباتات الطبية حساسة جدا، وتفقد خصائصها مع اختلاف التربة أو الحرارة، أو الرطوبة، أو الارتفاع عن سطح البحر، ويحدث في بعض الأحيان أن ينتج النبات عناصر أخرى، لها صفات جديدة لسبب انتقالها من منطقة إلى أخرى، فقد حاولت بعض المناطق الزراعية في إيطاليا زراعة القنب لتحضير المادة المخدرة منه، ولكن النبات لم يعط أية مادة مخدرة وأعطى أليافا قوية تستعمل في صناعة، قلاع المراكب الشراعية فقط في حين أن هذه الألياف غير موجودة إطلاقا في النبات في منبته الأصلي».