للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووضحته، وبينت مجمله، وخصصت عامه، وقيدت مطلقه، وهي التي تستقل بالتشريع أحيانًا، ولو أننا اعتمدنا على القرآن الكريم فحسب لما توصل الفقهاء والمجتهدون إلى هذه الثروة الطائلة من الأحكام، والآداب في أمور الدين والدنيا، ولكن الكثرة الكاثرة من المستشرقين المشككين في السنن والأحاديث يزعمون أنها من آثار التطور الديني والدنيوي والسياسي، والاجتماعي إلى آخر ما يزعمون، و " جولدتسيهر " المستشرق اليهودي المتعصب تدور أفكاره في السنة حول هذا وعن هذا المستشرق أخذ الكثيرون من المستشرقين هذا الكذب الصُّرَاحِ.

[٢] إن الروايات الموثوق بها والتي يعتمد عليها في التحقيق العلمي، والتاريخي دلت على أنه كان هناك نظام دقيق للزكاة يؤدي كل واحد بمقتضاه زكاته، شرعه الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ربه، وكتب به إلى عماله، زود به كل من كان يرسلهم من المصدقين (١) وها هي كتب الحديث المعتمدة على قيد الذراع والباع تعرضت لبيان ذلك غاية البيان، ولو كلف هذا الباحث المشكك نفسه الرجوع إلى الصحيحين، أو إلى كتب السنن، والمسانيد لوجد من الروايات المتكاثرة ما يزيل تشككه.

روى البخاري ومسلم في " صحيحيهما " بسنديهما - واللفظ للبخاري - قال قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ (٢) مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (٣) صَدَقَةٌ ... » الحديث وروى البخاري في " صحيحه " بسنده عن أنس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، «فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا، فَلْيُعْطِهَا ... » الحديث (٤) وفيه ذكر نصاب الإبل والغنم إلى غير ذلك من الأحاديث


(١) المُصَدِّقُ: بضم الميم وفتح الصاد المخففة، وكسر الدال المشددة، آخره قاف، هو الذي يقوم بأخذ الزكوات من الناس.
(٢) الذود من الثلاث إلى العشر.
(٣) الوسق: ستون صاعًا.
(٤) " صحيح البخاري ": - كتاب [الزكاة]- باب زكاة الغنم.

<<  <   >  >>