اللهُ تَعَالَى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}» الآية (١). ولم نسمع أن ابن الحكم احتج على جلوسه بحديث قط.
وأما حديث رجاء بن حيوة فلم أطلع عليه وكان عليه أن يدلنا على مرجعه في هذا، ورجاء بن حيوة من الحفاظ النبلاء ولم يتهم بوضع ولا اختلاق في الأحاديث.
وحديث جابر بن سمرة لا يدل على أنه وُضِعَ حديث بالفعل في هذا الأمر، بل هو رَدٌّ لما يحتمل أن يظنه بعض الناس من أن هذا التغيير كان له أصل في الأحاديث النبوية، أو لما يحتمل أن يفعله بعض ضعفاء الإيمان المتزلفين إلى الخلفاء والأمراء وقد يلجأ الشخص إلى مثل هذا الإسلوب لتقوية كلامه وليقطع على الخصم أن يكون لما فعلوه سندا من السنة الثابتة.
وأما خطبة العيد فقد قدمها على الصلاة معاوية وعماله، لأن الناس ما كانوا يجلسون إليهم بعد الصلاة لاستماع الخطبة، ولم يسلموا من إنكار الأمة والتشنيع عليهم بسببه ولم نسمع أن معاوية وعماله احتجوا لما فعلوه بحديث:
روى البخاري في " صحيحه " أن أبا سعيد الخدري أنكر على مروان بن الحكم وإلى المدينة من قبل معاوية تقديم الخطبة على صلاة العيد، وجذبه من ثوبه، فجذبه مروان، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ:«فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ!!»، فَقَالَ:«أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ»، فَقُلْتُ:«مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ»، فَقَالَ مَرْوَانُ:«نَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ».
فها هو مروان قد اعتذر بما يراه مُبَرِّرًا لعمله، ولم يختلق حَدِيثًا أو أوعز إلى من يختلق حَدِيثًا كما زعم " جولدتسيهر " مع أن هذا كان أنسب الأوقات للاختلاق.