للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما روي من الحديث المزعوم «سَيَكْثُرُ الحَدِيثُ عَنِّي فَمَا وَافَقَ القُرْآنَ فَهُوَ ِمنِّي، قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ» وهو موضوع لا محالة، [أَدْرَكَ] وَضْعَهُ وَنَبَّهَ إِلَيْهِ جهابذة المحدثين والعلماء والنقاد كيحيى بن معين المُتَوَفَّى سَنَةَ ثلاث وثلاثين ومائتين، وقال: «إِنَّهُ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ»، وكذا حكم بوضعه عبد الرحمن بن مهدي المُتَوَفَّى سَنَةَ ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة قال فيه الحافظ ابن حجر في " التقريب ": «ثِقَةٌ ثَبْتٌ، حَافِظٌ عَارِفٌ بِالرِّجَالِ وَالْحَدِيثِ» ومثل هذا الحديث في الضعف والنكارة، والاختلاق الحديث [المزعوم]:

«إِذَا حَدِّثْتُمْ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُوَافِقُ الْحَقَّ فَصَدِّقُوهُ، وَخُذُوا بِهِ، حَدَّثْتُ بِهِ أَوْ لَمْ أُحَدِّثْ» قال السخاوي: رواه الدارقطني في " الأفراد " والعقيلي في " الضعفاء " وأبو جعفر بن البحتري في " فوائده " عن أبي هريرة مرفوعًا، قال: وَالحَدِيثُ مُنْكَرٌ جِدًّا، وقال العقيلي: ليس له إسناد يصح، ومن طرقه ما عند الطبراني عن ابن عمر مرفوعا: «سُئِلَتِ الْيَهُودُ عَنْ مُوسَى فَأَكْثَرُوا فِيهِ، وَزَادُوا، وَنَقَصُوا حَتَّى كَفَرُوا، وَسُئِلَتِ النَّصَارَى عَنْ عِيسَى فَأَكْثَرُوا فِيهِ، وَزَادُوا وَنَقَصُوا حَتَّى كَفَرُوا، وَإِنَّهُ سَتَفْشُو عَنِّي أَحَادِيثُ، فَمَا أَتَاكُمْ مِنْ حَدِيثِي فَاقْرَءُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَاعْتَبِرُوا، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَأَنَا قُلْتُهُ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ كِتَابَ اللَّهِ فَلَمْ أَقُلْهُ» قال: وقد سئل شيخنا يعني الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث فقال: «إِنَّهُ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ لاَ تَخْلُو مِنْ مَقَالٍ»، وقد جمع طرقه البيهقي في كتابه " المدخل " وقال الصغاني: «إِذَا رَوَيْتُمْ - وَيُرْوَى (إِذَا حَدَّثْتُمْ) عَنِّي حَدِيثًا فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ فَإِنْ وَافَقَ فَاقْبَلُوهُ وَإِنْ خَالَفَ فَرُدُّوهُ» قَالَ: «هُوَ مَوْضُوعٌ» (١).

وكذلك قال غيره في حديث «عَرْضِ السُنَّةِ عَلَى القُرْآنِ» إنه موضوع، ويكاد يجمع على ذلك العلماء العارفون بالحديث وَعِلَلِهِ والتمييز بين مقبوله ومردوده، وصحيحه وضعيفه ونحن لا نشك - ولا أي عاقل - في أن هذا الحديث الذي ذكره " جولدتسيهر " (٢) وحديث ابن ماجه «مَا قِيلَ مِنْ قَوْلٍ حَسَنٍ فَأَنَا قُلْتُهُ» موضوعان


(١) " كشف الخفاء ومزيل الألباس فيما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ": جـ ١ ص ٨٦.
(٢) " إرشاد الفحول إلى علم الأصول " للشوكاني: ص ٢٩.

<<  <   >  >>