فقد قالوا في كتاب الخليفة الأول أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - الذي وجه به أنس بن مالك إلى البحرين والذي اعتمد فيه على ما فرضه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنه أصح الكتب وفيه أنصبة الإبل والغنم.
قال الإمام أبو محمد بن حزم الأندلسي في هذا الكتاب:«هَذَا الكِتَابُ فِي غَايَةِ الصِحَّةِ عَمِلَ بِهِ الصِدِّيقُ بِحَضْرَةِ العُلَمَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ» وقد أخرج حديث هذا الكتاب أحمد، والبخاري، والنسائي، وأبو داود، والدارقطني وقال: هذا إسناد صحيح رواته كلهم ثقات وكذا رواه الشافعي والبيهقي والحاكم، واختلفوا في صحة رواية الزهري عن سالم عن أبيه قال: كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد كتب الصدقة ولم يخرجها إلى عماله حتى توفاه الله، فأخرجها أبو بكر من بعده، فعمل به حتى توفي رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن.
وقد ورد مُرْسَلاً، قال الزهري:«هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ فِي الصَّدَقَةِ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:«أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَهِيَ الَّتِي انْتَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَالِمِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ»، وقد سئل عنه البخاري فقال:«أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا» ونقل عن ابن معين تضعيفه للحديث.
فكيف يقال: إنهم لم يبحثوا عن صحة الصحف، ولا عن مصدرها؟!
[٢] أحاديث زكاة البقر:
وأما أحاديث زكاة البقر التي حاول أن يشكك فيها، وأنه لم يكن للعلماء أن يستخلصوا منها نِصَابًا للدفع - كما زعم - فهي مروية في الكتب المعتمدة ففي " منتقى الأخبار " عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلاَثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةُ». الحديث رواه الخمسة، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ مُعَاذًا قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصَدِّقُ (١) أَهْلَ
(١) المُصَدِّقُ: بفتح الصاد وتشديد الدال المكسورة: وهو آخذ الصدقات والعامل عليها وأما المُصَّدِّقُ بتشديد =