للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يبغضه غاية البغض وينهى من يتمسح بها عن ذلك.

رَوَى البَيْهَقِي بِسَنَدِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: «كَانَ صَنَمٌ مِنَ النُّحَاسٍ يُقَالُ لَهُ إِسَافُ، وَصَنَمٌ يُقَالُ لَهُ نَائِلَةُ، تَمَسَّحُ بِهِمَا الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا. فَطَافَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ تَمْسُّهُ»، قَالَ زَيْدٌ فَطُفْنَا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأَمُسَنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَمْ تُنْهَ» قَالَ زَيْدٌ: فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا قَطُّ حَتَّى اللهُ تَعَالَى بِالذِي أَكْرَمَهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ.

" حديث موضوع آخر بإجماع أهل العلم ":

وأما الحديث الآخر الذي ذكر المستشرق المنصف " فينك " للاستدلال به على أن الرواة المسلمين غير متعصبين لجانب واحد: أنهم يَرْوُونَ «أَنَّ الرَّسُولَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١) سَمَّى أَوْلاَدَهُ عَبْدَ العُزَّى، وَعَبْدَ مَنَافٍ، وَالقَاسِمَ» فهو حديث موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث، وفي سنده الهيثم بن عدي الطائي أبو عبد الرحمن المَنْبِجِيِّ (٢) ثم الكوفي قال فيه البخاري: «لَيْسَ بِثِقَةٍ كَانَ يَكْذِبُ» وروى عباس عن يحيى «لَيْسَ بِثِقَةٍ كَانَ يَكْذِبُ» وقال أبو داود: «كَذَّابٌ» وقال ابن عدي: «مَا أَقَلَّ مَا لَهُ مِنَ المُسْنَدِ، إِنَّمَا هُوَ صَاحِبُ أَخْبَارٍ».

أقول: ومعظم [الإخباريين] يَرْوُونَ الغث والسمين، ولا يميزون بين الحسن والضعيف لأن همهم جمع الأخبار، فهم كحطاب ليل (٣) وعلماء الحديث إذا قالوا: فلان إخباري يعنون أنه ليس من أهل الحديث الذين يوثق بهم، ويعتمد عليهم.

وقال النسائي: «الهَيْثَمُ مُنْكَرُ الحَدِيثِ وَالذِي رَوَى فِي تَسْمِيَةِ أَوْلاَدِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مُحَالٌ أَنْ يَصْدُرَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -


(١) الصلاة والسلام مني لا من فينك وضعتها بين شرطتين.
(٢) مَنْبِجِي كمجلس - بفتح الميم وسكون النون، وكسر الباء الموحدة آخر جيم بلد ببلاد الشام.
(٣) وذلك لأن حاطب الليل لا يميز بين الغث والسمين، والنافع والضار وقد يضع يده على عقرب فتلدغه.

<<  <   >  >>