للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ (١) - وَهُوَ عِنْدِي، لَكِنَّهُ دَعَا، وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ (٢) أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ (٣) [فِيهِ]؟، أَتَانِي رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا (٤) عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ (٥) عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ (٦) [فَقَالَ]: مَطْبُوبٌ (٧)، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ (٨) قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ (٩)، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ (١٠). قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ (١١) " فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ (١٢)، أَوْ كَأَنَّ رُؤُوسَ نَخْلِهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ» (١٣) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: «قَدْ عَافَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا» (١٤) فَأَمَرَ بِهَا (١٥) [فَدُفِنَتْ] (١٦).


(١) أو: شك من الراوي.
(٢) أي أعملت.
(٣) أي أجابني فيما دعوته فجعل الدعاء بمثابة الاستفتاء، والجواب بمثابة الفتوى، والمجيب بمثابة المفتي، أو المعنى أجابني [فيما] سألته عنه، لأن دعاءه كان لأجل أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه.
(٤) هو جبريل.
(٥) هو ميكائيل.
(٦) يريد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يفيد التفخيم أي: الرجل الكامل في الرجولية وفي كل شيء.
(٧) أي مسحور.
(٨) أي سحره.
(٩) مشط: بضم الميم وتكسر وسكون الشين المعجمة فيهما، والمشاطة: بضم الميم وفتح الشين المعجمة ما يسقط من الشعر إذا سرح.
(١٠) الجُفُّ: بضم الجيم والفاء المشددة: وعاء الطلغ ويقال له: الحب اَيْضًا بالباء الموحدة.
(١١) بئر كان للأنصار.
(١٢) النُقَاعَةُ: بضم النون وفتح القاف المخففة، هو الماء الذي تنقع فيه الحناء ويكون أحمر.
(١٣) العرب يشبهون الشيء القبيح المستكره برؤوس الشياطين وفي الكتاب المعجز المبين في وصف الشجرة الزقوم {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [سورة الصافات، الآية: ٦٥].
(١٤) أي خشية أن يقع بين المسلمين وبين اليهود وحلفائهم من الأنصار شر لو أني أظهرت ذلك وأعلنته.
(١٥) بها أي البئر فدفنت أي فطمت وعفي عليها.
(١٦) " صحيح البخاري ": - كتاب الطب - باب السحر، و " صحيح مسلم ": - كتاب الطب والمرض والرقيا - =

<<  <   >  >>