فو " فقال:«لَقَدْ مَرَّ عَلَى القُرْآنِ بِضْعَةَ عَشَرَ قَرْنًا، وَلاَ يَزَالُ غَضًّا طَرِيًّا كَأَنَّ عَهْدَهُ بِالحَيَاةِ أَمْسَ» وهي كلمة حق، وشهادة صدق ألقاها الله على لسان رجل باحث غير مسلم.
وقد يسألني سائل فيقول: ومن أين جاء ذلك؟ وهو سؤال حسن ويحتاج إلى جواب.
والجواب: أن في الإسلام - وهو الدين العام الخالد الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء - قوى روحية خارقة كامنة فيه تحمل من اعتنقه عن إيمان واختيار أن يتحمل كل أصناف البلاء وأنواع الأذى في سبيله، والتضحية بالنفس والأهل والولد، والمال، وكل عزيز في هذه الدنيا في سبيله، وهذه القوى الروحية الكامنة الخارقة تتمثل في كتاب الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وسنة رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتاريخ الحق شاهد صدق على هذا، ولو تتبعنا تاريخ الإسلام، وما تعرض له منذ أربعة عشر قرنًا من هجمات وحشية، وحروب شرسة، وتحديات بقصد النيل منه، والقضاء عليه - لوجدنا لذلك مثلاً متكاثرة لا يحصيها العد.
هذه القوى الروحية الخفية الكامنة في الإسلام أو إن شئت فقل في كتاب الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -، وسنة رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هي التي جعلت الإسلام وقد قام في أول أمره على نبي، وامرأة، وحر، وعبد، وصبي أن ينتشر حتى أصبح منتشرًا في قارات الدنيا الخمس اليوم.
هذه القوى الروحية الخفية الخارقة هي التي جعلت بلال بن رباح وأمثاله من المُعَذَّبِينَ فِي اللهِ أن يتحملوا العذاب الذي يخرج عن طاقات التحمل وهم أبطال صامدون، لا يرجعون عن دينهم.
لقد كان أمية بن خلف الطاغية المتجبر يأخذ بلال بن رباح كما ولدته أمه في اليوم الصائف القائظ، وَحَرُّ مكة كان ينضج اللحم الطري، أو يذيب دماغ الضب