للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن منظور: «وأصل الإحصان المنع، والمرأة تكون محصنة بالإسلام، والعفاف، والحرية، والتّزويج» (١).

وحيث لم يرد في اللغة العربية قيد يحدّد دلالة اللفظة على أحد مترادفاتها دون سواه من خلال تركيب الكلمة، فإن الواجب يقضي اللجوء إلى القرائن وعبارات علماء التفسير في ذلك، وظاهر قول الله عزّ وجلّ يقتضي ألّا حدّ على أمة وإن كانت مسلمة إلا بعد التّزويج؛ إذ هو الغالب في استعمال الإحصان، والمقام ثمة مقام الحديث عن الفتيات المؤمنات في صدر الآية، فدلّ على أن أُحْصِنَّ يراد منها معنى آخر غير معنى الإسلام، إذ توضح معنى الإسلام بقوله سبحانه: مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ فتكرر ذلك عبث ولبس، يتنزّه عنه الحكيم سبحانه.

وهو ظاهر ما روي عن ابن عباس قال: «لا تجلد إذا زنت حتى تتزوج» (٢).

ولكن ثمة مذهب آخر روي عن ابن مسعود إذ كان يقول: «إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوج» (٣)، ونقله القرطبي عن ابن مسعود والشعبي والزهري وغيرهم (٤).

وينبغي الإشارة هنا إلى أنهم لم يرفعوا الحدّ عن الأمة بالتّزوج دون الإسلام وهم يريدون تهوين أمر الزّنا، بل هو إطلاق ليد الإمام ليعاقبهما بما يردعهما، أما الحدّ فهو من خصائص المحصنات.

وقد ورد حديث في الباب لو صح إسناده لقطع كل جدل، وهو ما روي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «من أشرك بالله فليس بمحصن» (٥) ويمكن إجمال مذاهب الفقهاء في مذهبين اثنين:


(١) لسان العرب لابن منظور ١٣/ ١٢٠ مادة حصن.
(٢) حجة القراءات لأبي زرعة ١٩٨.
(٣) حجة القراءات لأبي زرعة ١٩٨.
(٤) الجامع للقرطبي ٥/ ١٤٣.
(٥) روي مرفوعا من طريق إسحاق بن راهويه، وموقوفا عليه، وقد رواه الدارقطني في سننه، ثم قال: لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عن ذلك، والصواب أنه موقوف. نصب الراية للزيلعي ٣/ ٣٢٧.

<<  <   >  >>