للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: مذهب ابن عباس، وهو أن الإحصان في هذه الآية هو التّزوج (١).

الثاني: مذهب ابن مسعود، وهو أن الإحصان في هذه الآية هو الإسلام (٢).

وقد أخذت الحنفية والمالكية بقول ابن مسعود، فنصّوا على أن الإحصان لا يتم إلا بالإسلام، لأن الحدّ تطهير، والكافر ليس من أهل التّطهير، ولا تحصّن الذّمية مسلما لقوله صلّى الله عليه وسلّم لكعب بن مالك حين أراد أن يتزوج باليهودية: «دعها فإنها لا تحصنك» (٣).

أما رجمه صلّى الله عليه وسلّم لليهوديين (٤) فقد أجابوا عنه أن ذلك بحكم التوراة قبل نزول الحكم في القرآن الكريم (٥).

وكذلك فإن الحدود كفارات لأهلها، وليس الكافر أهلا لذلك.

ونصّ عبارة الحنفية: شرائط إحصان الرّجم: الحرية، والتكليف، والإسلام، والوطء بنكاح صحيح بصفة الإحصان (٦).

وأخذت الشافعية بقول عبد الله بن عباس، فقالوا: ليس الإسلام من شروط إحصان الرجم، في حدّ الذّمي إذا ترافع إلينا، ولعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «الثّيّب بالثّيّب رميا بالحجارة» (٧)، واستدلوا بأن الأديان كلها تحرم الزّنا، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى برجلين زانيين فرجمهما (٨).


(١) حجة القراءات لأبي زرعة ١٩٨.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) قال الزيلعي: «روى هذا الحديث ابن أبي شيبة والطبراني في المعجم والدارقطني في السّنن من حديث أبي بكر بن أبي مريم، ونقل عن الدارقطني قوله: أبو بكر بن أبي مريم ضعيف». نصب الراية للزيلعي ٣/ ٣٢٨.
(٤) حديث رجم اليهوديين بالغ الاستفاضة أخرجه الستة فهو متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الحدود، وعنون له في باب ٣٧ بقوله: باب أحكام أهل الذّمة، وإحصانهم إذا زنوا، ورفعوا إلى الإمام. انظر فتح الباري ١٢/ ١٦٦.
(٥) ردّ المحتار على الدّر المختار ٣/ ١٦٣.
(٦) رد المحتار على الدّر المختار ٤/ ١٨، وأورد نظما لطيفا لشرائط الإحصان:
شروط الإحصان أتت ستة ... فخذها عن النّص مستفهما
بلوغ وعقل وحرية ... ورابعها كونه مسلما
وعقد صحيح ووطء مباح ... متى اختل شرط فلن يرجما
(٧) أخرجه أحمد عن عبادة بن الصامت ٥/ ٣١٧.
(٨) انظر مغني المحتاج ٤/ ١٤٧.

<<  <   >  >>