للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب»، يدلّ على اختصاص أهل الكتاب بإضافتها إليهم، ولأنهم تغلظ كفرهم لكفرهم بالله وجميع كتبه ورسله (١).

وقد أطلنا في النقل عن ابن قدامة لأنه أورد أدلة القائلين بأن الكفر هو علة المقاتلة، وثمة دليل آخر يورده الشافعية أيضا، وهو ما روي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «اقتلوا شيوخ المشركين وأبقوا شرخهم» (٢).

فهذه بالجملة أدلة القائلين بأن علة المقاتلة هي الكفر وحده، دون اشتراط ظهور الحرابة.

وقد لخص صاحب كتاب (آثار الحرب في الفقه الإسلامي) (٣) ردود العلماء على ذلك فقال:

«يجاب عن ذلك بأن قوله تعالى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [التوبة: ٩/ ٥]، عام مخصوص بالذّمي والنساء والصبيان، وحديث: «اقتلوا شيوخ المشركين» (٤)، ضعيف بالانقطاع، وبالحجاج بن أرطأة (٥) فلا يصلح للمعارضة، ولو سلمت صحته فيجب تخصيصه بحسب أصول الشافعي.

ويرد على الشافعي أيضا بأنه لو كان مجرد الكفر مبيحا للقتل لما أنزل النّبي صلّى الله عليه وسلّم بني قريظة على حكم سعد بن معاذ فيهم، ولو حكم فيهم بغير القتل لنفذ حكمه.

ومن ناحية النصوص القرآنية فهناك نصوص قطعية لا تقبل التأويل يرد بها على الشافعي مثل قوله تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة: ٢/ ١٩٠].

ثم قال: وهذا الموقف الدفاعي هو الذي سار عليه النّبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون من بعده، فلم يقتل النّبي كفار قريش وهوازن، وما استباح الخلفاء يوما دم أحد من غير المسلمين في غير الحرب (٦).


(١) المغني لابن قدامة ٨/ ٣٦١.
(٢) رواه أحمد بن حنبل، وأبر داود، والترمذي عن سمرة بن جندب، انظر مسند أحمد ٥/ ٩، وهو منقطع فيه الحجاج بن أرطأة، قال عنه ابن حجر في التقريب: صدوق، كثير الخطأ والتدليس. انظر تقريب التهذيب ١/ ١٥٣.
(٣) للدكتور وهبة الزحيلي ١١٠.
(٤) مرّ تخريجه قبل قليل.
(٥) الحجاج بن أرطأة قاض من البصرة، توفي عام ١٤٧ هـ، ومرّ بك قبل قليل ما قاله في ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب ١/ ١٥٣.
(٦) آثار الحرب في الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي ١١٠.

<<  <   >  >>