الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ [الشّعراء: ٢٦/ ٧٨]، وذلك إن وقفت على واحد من رءوس الآي هنا.
وظاهر أن الوقف بالرّوم يجلي المعنى المقصود، الذي سيكون مبهما إن وقفت بالسكون المحض، ففي الآيتين الأوليين، كشف أن المخاطب امرأة، ولو سكنت سكونا محضا لم يتبدّ لك ذلك، وفي الآية الثالثة كشف لك عن ياء المتكلم المحذوفة اتّباعا لقافية الآية.
وكذلك في أداء المذيعين والمتحدّثين اليوم، فإن معاني كثيرة يؤدي السكون المحض إلى إبهامها وضياع رونقها، لاحظ مثلا هجنة الخطاب وغربته في الصيغ الآتية إذا وقفت بالسكون المحض وأنت تخاطب امرأة:
ما اسمك؟ ما دراستك؟ ما هي بلدك؟
متى رجعت؟ متى حضرت؟ هل هو حقّا يحبّك؟
ثم لاحظ بعدئذ كم يضيء الرّوم من دلالتها ومعناها لدى النّطق به وفق قاعدته. (اقرأها بالرّوم) وهكذا فإن في الرّوم فائدة حقيقية في تصويب النّطق العربي، ولا سيما المظانّ التي يكون الإسكان المحض مدعاة إشكال.
ولست أدري لم يتحرّج النّحاة من الفتوى بذلك، وهو كما رأيت مذهب البصريين