للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيمن اعتزل، قال عمرو: إني أسمي لك معاوية بن أبي سفيان، فلم يبرحا مجلسهما حتى استبَّا، ثم خرجا إلى الناس، فقال أبو موسى: إني وجدت مثل عمرو مثل الذين قال الله - عز وجل -: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}، فلما سكت أبو موسى تكلم عمرو فقال: أيها الناس وجدتُ مثل أبي موسى كمثل الذي قال - عز وجل -: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا}، وكتب كل واحد منهما مثله الذي ضرب لصاحبه إلى الأمصار» (١).

وهذا مع كونه صحَّ عن الزهري، إلا أنه أرسله ولم يسنده لأحد، والمرسل -عامَّةً- لا تقوم به حجة، ومرسل الزهري نفسه -خاصَّةً- عند العلماء من أوهى المراسيل.

قال أحمد بن سنان: «كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حُفَّاظ، كانوا إذا سمعوا الشيء علَّقوه» (٢).

وقال يحيى بن معين: «مراسيل الزهري ليس بشيء» (٣).

فإذا أضفنا لذلك ما في المتن من نكارة، كتصوير عمرو بن العاص بالماكر المخادع، وتصوير أبي موسى الأشعري بالمغفّل، مع سوء الأخلاق التي لا تليق بمن ربَّاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ازداد ذلك المرسل وَهْنا على وَهْن.

لم يكن الطرفان في حاجة إلى خداع، بل ما كان يريده كل طرف يطرحه على صاحبه، فإن قبله؛ وإلا لم يتفقا. وقد وردت رواية تدل على تلك المصارحة.


(١) إسناده صحيح إلى الزهري: أخرجه الطبري في تاريخه (٥/ ٥٧ - ٥٩).
(٢) المراسيل لابن أبي حاتم (ص: ٣)، الجرح والتعديل له (١/ ٢٤٦).
(٣) المراسيل لابن أبي حاتم (ص: ٣).

<<  <   >  >>