فإن عارضنا جاهلٌ مفتونٌ قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان؟ ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!
قيل له: ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: ولم؟
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة - رضي الله عنهم - فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، وكانوا أهدى سبيلاً ممن جاء بعدهم لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، وشاهدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجاهدوا معه، وشهد لهم الله - عز وجل - بالرضوان والمغفرة والأجر العظيم، وشهد لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنهم خير القرون، فكانوا بالله - عز وجل - أعرف، وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن وبالسنة، ومنهم يؤخذ العلم، وفي قولهم نعيش، وبأحكامهم نحكم، وبأدبهم نتأدب، ولهم نتبع، وبهذا أُمرنا.
فإن قال قائل: وأيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم والبحث عنه؟
قيل له: لا شك فيه، وذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، وعقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق، ونتخلف عما أُمرنا فيهم.
فإن قال قائل: وبم أُمرنا فيهم؟
قيل: أُمرنا بالاستغفار لهم، والترحم عليهم، والمحبة لهم، والاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاهرهم وصاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، وقد ضمن الله - عز وجل - لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحداً، وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل فوصفهم بأجمل الوصف، ونعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحدا منهم أبدا، - رضي الله عنهم - ورضوا عنه {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}.