للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالماً بما جرى بينهم، فأكون لم يذهب عليَّ ما كانوا فيه، لأني أحب ذلك ولا أجهله.

قيل له: أنت طالب فتنة، لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك، ولو اشتغلت بإصلاح ما لله - عز وجل - عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه واجتناب محارمه؛ كان أولى بك، وقيل له: ولاسيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة (١).

وقيل له: اشتغالك بمطعمك وملبسك من أين؟ هو أولى بك، وتمسكك بدرهمك من أين هو؟ وفيم تنفقه؟ أولى بك.

وقيل: لا نأمل أن تكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك، فتهوى ما يصلح لك أن تهواه، ويلعب بك الشيطان؛ فتسب وتبغض من أمرك الله بمحبته والاستغفار له وباتباعه، فتزل عن طريق الحق، وتسلك طريق الباطل» (٢).

وقال ابن أبي زيد القيرواني: «وأن لا يُذكرَ أحدٌ من صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس، أن يُلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب» (٣).

وقال أبو نعيم الأصبهاني: «فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إظهار ما مدحهم الله تعالى به، وشكرهم عليه، من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال، وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم، ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به؛ فقال تعالى: {وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} الْآيَة.


(١) فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث ويقال في زمننا هذا؟!
(٢) الشريعة (٥/ ٢٤٨٥ - ٢٤٩٠).
(٣) عقيدة السلف للقيرواني (ص: ٦١).

<<  <   >  >>