للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر: «واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، ولو عُرِف المُحِقُّ منهم، لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا، وأن المصيب يؤجر أجرين» (١).

وقال الشوكاني -في جواب من سأله عن مذهب أهل الحقِّ في شأن ما شجر بين الصحابة - رضي الله عنهم - في الخلافة-: «إنْ كان هذا السائل طالباً للنجاة، مستفهماً عن أقرب الأقوال إلى مطابقة مراد مولاه، كما يُشعر بذلك تصرفه في سؤاله؛ فلْيدَعْ الاشتغال بهذه الأمر، ويترك المرور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، وتحيَّرت عنده أفكار أهل الأنظار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم، وتتطلَّع لمعرفة ما شجر بينهم، قد صاروا تحت أطباق الثرى، ولقوا ربهم في المئة الأولى من البعثة، وها نحن الآن في المئة الثالثة عشر، فما بالنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا؟! ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة؟! وقد أُرشدنا إلى أن ندع ما يريبنا إلى ما لا يريبنا، ويكفينا من تلك القلاقل والزلازل أن نعتقد أنهم خير القرون، وأفضل الناس» (٢).

إلى أن قال: «فرحم الله امرأً اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفعٍ في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضر، .... ، ومن ظنَّ خلاف هذا فهو مغرورٌ، مخدوعٌ، قاصر الباع عن إدراك الحقائق ومعرفة الحق على وجهه، كائناً من كان» (٣).


(١) فتح الباري (١٣/ ٣٤).
(٢) إرشاد السائل إلى دلائل المسائل (ص: ٤٥).
(٣) المصدر السابق (ص: ٤٦).
وللمزيد من هذه الأقوال، انظر: سلّ السِّنان في الذبِّ عن معاوية بن أبي سفيان لسعد بن ضيدان السبيعي (ص: ٢٩٣ - ٣٠٥)، عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام لناصر بن علي الشيخ (٢/ ٧٣٢ - ٧٤٢).

<<  <   >  >>