للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن النعمان بن بشير قال: «كنا قعوداً في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان بشير رجلاً يكف حديثه، فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبو ثعلبة، فقال حذيفة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» (١).


(١) إسناده ضعيف: أخرجه الطيالسي (٤٣٩) -وعنه أحمد (١٨٤٠٦) - والبزار (٢٧٩٦)؛ من طريق داود بن إبراهيم الواسطي (وانقلب عند البزار إلى: إبراهيم بن داود!)، عن حبيب بن سالم، عن النعمان؛ به.
وقد فرَّق العلماء بين داود بن إبراهيم الواسطي، وداود بن إبراهيم الذي يروي عن طاوس، كما في التاريخ الكبير للبخاري (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣/ ٤٠٦ - ٤٠٧)، والضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (١/ ٢٦٠)، والمتفق والمفترق للخطيب (٢/ ٨٧٥، ٨٧٧)، ولسان الميزان لابن حجر (٣/ ٣٩٢). وأما ابن حبان فقد جعلهما في الثقات (٦/ ٢٨٠) رجلا واحدا!
فأما صاحبنا -الواسطي- فلم يذكر فيه البخاري ولا ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا، وإنما نقل ابن أبي حاتم توثيق الطيالسي له، وهو موجود في موطن هذا الحديث عند الطيالسي، وذكره ابن حجر في تعجيل المنفعة (١/ ٥٠٥) وقال: "ذكره ابن حبان في الثقات".
وقال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص: ١٢٤): "أما داود بن إبراهيم الواسطي، عن شعبة، وداود بن إبراهيم العنبري، عن عبدة بن سليمان، وداود بن إبراهيم عن الحسن بن شبيب، فليسوا بالمشهورين، ولا ضُعِّفوا".

إذا فليس ثم توثيق لصحابنا إلا من الطيالسي، وذكر ابن حبان له في الثقات، وقد تقدم أن ابن حبان جمعه براوٍ آخر.
وأما الطيالسي: فقد انفرد بتوثيقه، وكذا انفرد برواية هذا الحديث عنه.
قال الدارقطني -كما في أطراف الغرائب والأفراد (٣/ ٢٤) -: "تفرد به أبو داود الطيالسي، عن داود بن إبراهيم الواسطي، عن حبيب بن سالم، عن النعمان".
وأعلَّه البزار بشيء آخر؛ فقال عقبه: "هذا الحديث لا نعلم أحدا قال فيه: النعمان عن حذيفة إلا إبراهيم بن داود".
ومما يعلُّ هذه الرواية أيضا: أن للحديث طريقا آخر عن حذيفة بلفظ مختلف، أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده -كما في المطالب العالية (٤٣٣٧) - ومن طريقه الطبراني في الأوسط (٦٥٨١)؛ من طريق زيد بن الحباب، ثنا العلاء بن المنهال الغنوي، حدثني مهند القيسي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم في نبوة ورحمة، وستكون خلافة ورحمة، ثم يكون كذا وكذا، ثم يكون ملكا عضوضا، يشربون الخمور، ويلبسون الحرير، وفي ذلك ينصرون إلى أن تقوم الساعة».
قال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن العلاء بن المنهال إلا زيد بن الحباب".
قلتُ (أحمد): هذا إسناد ظاهره الحسن، أما زيد: فهو صدوق، كما في التقريب (٢١٢٤)، والعلاء الراجح في حاله التوثيق، كما في التذييل على كتب الجرح والتعديل لطارق ناجي (ص: ٢٠٥).
لكن يبدو -والله أعلم- أن أحد الرجلين دخل له حديث حذيفة في حديث أبي عبيدة، وعلى كل حال فالشاهد الذي نريده -مع ثبوت هذا السند- أن هناك مرحلةً وسطى بين الخلافة الراشدة، والملك العضوض، وهذا ما أشارت إليه رواية أخرى صحيحة الإسناد، كما سيأتي في الرواية القادمة من حديث ابن عباس.

<<  <   >  >>