للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هكذا كانت بداية حديث الطبري عن تولية معاوية ولده يزيد للخلافة، ولكن لم نعثر في المصادر التاريخية التي بين أيدينا -سواء عند الطبري، أو غيره- على تحديد دقيق لتلك الفترة التي بدأ فيها معاوية - رضي الله عنه - يفكر تفكيراً جدياً في تولية ولده يزيد من بعده خليفة المسلمين، ولكنه بالتأكيد لم يفكر إلا بعد سنه الخمسين من الهجرة، وذلك بعد أن خلت الساحة من وجود الصحابة الكبار المبشَّرين بالجنة؛ من أمثال: سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن يزيد بن عمرو، وبعد وفاة الحسن بن علي - رضي الله عنهم - جميعاً (١).

فعن قبيصة بن جابر قال: «بعثني زياد إلى معاوية في حوائج، فلما فرغت منها قلت له: يا أمير المؤمنين كلُّ ما جئتُ له فقد فرغت منه، وبقيت لي حاجة أصدرها في مصادرها، قال: وما هي؟ فقد قلتُ: من لهذه الأمة بعدك؟ فقال وما أنت من ذاك؟ قلتُ: ولم يا أمير المؤمنين؟ فوالله إني لقريب القرابة، عظيم الشرف، ناصح الجيب، وادّ الصدر، فسكت ساعة ثم قال: بين أربعة من بني عبد مناف، كريمة قريش: سعيد بن العاص، وفتى قريش حياء ودهاء وسخاء: عبد الله بن عامر، وأما الحسن بن علي: فرجل سيد كريم، وأما القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله: فمروان بن الحكم، وأما رجل نفسه: فعبد الله بن عمر، وأما رجل يرِدُ الشريعة مع دواهي السباع، ويروغ روغان الثعلب: فعبد الله بن الزبير» (٢).


(١) معاوية بن أبي سفيان للصلابي (ص: ٤٦٩).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص: ٥٩٢ - ٥٩٣)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢١/ ١١٨).

<<  <   >  >>