للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن كثير: «وقد كان معاوية لما صالح الحسن بن علي عهد للحسن بالأمر من بعده، فلما مات الحسن قوي أمر يزيد عند معاوية، ورأى أنه لذلك أهلا، وذاك من شدة محبة الوالد لولده، ولما كان يتوسم فيه من النجابة الدنيوية، وسيما أولاد الملوك ومعرفتهم بالحروب وترتيب الملك والقيام بأبهته، وكان يظن أنه لا يقوم أحد من أبناء الصحابة في الملك مقامه» (١).

وهذا الكلام يؤيد ردَّ تلك الرواية -الضعيفة الإسناد- التي ذكرت أن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - كان صاحب هذه المشورة من الأصل، وأنه الذي أوعز إلى معاوية باستخلاف يزيد (٢)،


(١) البداية والنهاية (١١/ ٣٠٨).
(٢) أخرج الطبري في تاريخه (٥/ ٣٠١ - ٣٠٢) عن الشعبي قال: "قدم المغيرة على معاوية واستعفاه وشكا إليه الضعف، فأعفاه، وأراد أن يولي سعيد بن العاص، وبلغ كاتب المغيرة ذلك، فأتى سعيد بن العاص فأخبره، وعنده رجل من أهل الكوفة يقال له ربيعة- أو الربيع- من خزاعة، فأتى المغيرة فقال: يا مغيرة، ما أرى أمير المؤمنين إلا قد قلاك، رأيت ابن خنيس كاتبك عند سعيد بن العاص يخبره أن أمير المؤمنين يوليه الكوفة، قال المغيرة: أفلا يقول كما قال الأعشى:
أم غاب ربك فاعترتك خصاصة ... ولعل ربك أن يعود مؤيدا
رويدا! أدخل على يزيد، فدخل عليه فعرض له بالبيعة، فأدى ذلك يزيد إلى أبيه، فرد معاوية المغيرة إلى الكوفة، فأمره أن يعمل في بيعة يزيد، فشخص المغيرة إلى الكوفة، فأتاه كاتبه ابن خنيس، فقال: والله ما غششتك ولا خنتك، ولا كرهت ولايتك، ولكن سعيدا كانت له عندي يد وبلاء، فشكرت ذلك له، فرضي عنه وأعاده إلى كتابته، وعمل المغيرة في بيعة يزيد، وأوفد في ذلك وافدا إلى معاوية".

إلا أن إسناد هذا إلى الشعبي لا يثبت، فلقد روى عنه هذا الأثر رجلان، الأول: علي بن مجاهد، إن كان الكابُلي فهو متروك، كما في التقريب (٤٧٩٠)، وإلا فلا يُعرف، والثاني: أبو إسماعيل الهمداني، لم أظفر له بترجمة!

<<  <   >  >>