للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تذكر الروايات أن أحداً من القادمين في الوفود اعترض على قرار معاوية، وغاية ما ذُكر: أن بعضهم وَكَل الأمر إلى علم معاوية بابنه، وأن عليه أن يتقي الله فيمن يوليه إمارة المسلمين.

ومن هؤلاء: عمرو بن حزم من المدينة، والأحنف بن قيس من البصرة.

يقول محمد بن سيرين: «لما أراد معاوية أن يستخلف يزيد بعث إلى عامل المدينة أن أفد إلي من شاء، قال: فوفد إليه عمرو بن حزم الأنصاري، فاستأذن، فجاء حاجب معاوية يستأذن، فقال: هذا عمرو قد جاء يستأذن، فقال: ما جاء بهم إلي؟ فقال: يا أمير المؤمنين، جاء يطلب معروفك، فقال معاوية: إن كنت صادقا فليكتب ما شاء فأعطه ما سألك، ولا أراه، قال: فخرج إليه الحاجب، فقال: ما حاجتك؟ اكتب ما شئت، فقال: سبحان الله! أجيء إلى باب أمير المؤمنين, فأحجب عنه؟ أحب أن ألقاه، فأكلمه، فقال معاوية للحاجب: عده يوم كذا وكذا إذا صلى الغداة فليجئ، قال: فلما صلى معاوية الغداة أمر بسرير، فجعل في إيوان له، ثم أخرج الناس عنه، فلم يكن عنده أحد إلا كرسي وضع لعمرو، فجاء عمرو فاستأذن، فأذن له، فسلم عليه، ثم جلس على الكرسي، فقال له معاوية: حاجتك، قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لعمري لقد أصبح يزيد بن معاوية واسط الحسب في قريش، غنيا عن المال، غنيا إلا عن كل خير، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله لم يسترع عبدا رعية إلا وهو سائله عنها يوم القيامة: كيف صنع فيها، وإني أذكرك الله يا معاوية في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بمن تستخلف عليها، قال: فأخذ معاوية ربوة ونفس في غداة قر حتى عرق، وجعل يمسح العرق عن وجهه ثلاثا، ثم أفاق، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد , فإنك امرؤ ناصح، قلت برأيك , بالغ ما بلغ، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، وابني أحق من أبنائهم، حاجتك، قال: ما لي حاجة، قال: ثم قال له أخوه: إنما جئنا من المدينة نضرب أكبادها من أجل كلمات قال: ما جئت إلا

<<  <   >  >>