للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكلمات، قال: فأمر لهم بجوائزهم، قال: وخرج لعمرو، مثله» (١).

ولما دخلت الوفود على معاوية، لم يشأ هو أن يبدأهم، فترك ذلك لبعض أصحابه، ليفتحوا هم الحديث عن البيعة والخلافة؛ فقوبل ذلك بترحابٍ ورضا، إلا ما كان من الأحنف بن قيس.

قال أبو الحسن المدائني: «ثم جلس معاوية في أصحابه، وأذن للوفود فدخلوا عليه، وقد تقدّم إلى أصحابه أن يقولوا في يزيد، فكان أول من تكلم الضحاك بن قيس؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إنه لا بد للناس من والٍ بعدك، والأنفس يُغدى عليها ويُراح، وإن الله قال: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، ولا ندري ما يختلف به العصران، ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن معدنه وقصد سيرته، من أفضلنا حلما، وأحكمنا علما، فولّه عهدك، واجعله لنا علما بعدك، فإنا قد بلونا الجماعة والألفة، فوجدناها أحقن للدماء، وآمن للسبل، وخيرا في العاقبة والآجلة.

ثم تكلم الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين، أنت أعلم بيزيد في ليله ونهاره، وسرّه وعلانيته، ومدخله ومخرجه، فإن كنت تعلمه لله رضا، ولهذه الأمة؛ فلا تشاور الناس فيه، وإن كنت تعلم منه غير ذلك؛ فلا تزوّده الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة.

قال: فتفرق الناس ولم يذكروا إلا كلام الأحنف، ثم بايع الناس ليزيد بن معاوية» (٢).


(١) إسناده صحيح إلى ابن سيرين: أخرجه أبو يعلى (٧١٧٤)، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٢٤٩): "رجاله رجال الصحيح".
(٢) المصدر السابق (٥/ ١١٨ - ١١٩).

<<  <   >  >>