للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: أن هذا الدعاء على معاوية معدود في مناقبه، لا في تنقصه وذمه، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته، أو لعنته، أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة» (١). وقد ذهب إلى هذا التأويل جماعةٌ من العلماء؛ منهم:

- الإمام مسلم بن الحجاج:

قال النووي: «وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه، فلهذا أدخله في هذا الباب (٢)، وجعله غيره من مناقب معاوية؛ لأنه في الحقيقة يصير دعاء له» (٣).

وقال القرطبي: «ويحتمل أن يكون معاوية من الأكل في أمر كان معذورا به من شدة الجوع، أو مخافة فساد الطعام، أو غير ذلك، وهذا المعنى تأوُّلُ من أدخل هذا الحديث في مناقب معاوية، فكأنه كنَّى به عن أنه دعا عليه بسبب أمر كان معذورا به، فحصل له من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الكفارة والرحمة والقربة إلى الله تعالى التي دعا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ذكرناه» (٤).

- الحافظ ابن عساكر:

حيث قال عن هذا الحديث: «أصحُّ ما روي في فضل معاوية» (٥).

- الحافظ الذهبي:


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٦٣٦١)، ومسلم (٢٦٠١)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو مرويٌ عن جماعة من الصحابة؛ كعائشة، وجابر، وأنس، فانظر أحاديثهم عند مسلم، في نفس الباب الذي فيه هذا الحديث.
(٢) وهذا الباب بعنوان: "باب من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو سبه، أو دعا عليه، وليس هو أهلا لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة"، ومعلوم أن مسلما لم يبوب كتابه، فلعله من تبوبيب النووي كما يرى البعض.
(٣) شرح صحيح مسلم (١٦/ ١٥٦).
(٤) المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (٦/ ٥٨٨ - ٥٨٩)
(٥) تاريخ دمشق (٥٩/ ١٠٦).

<<  <   >  >>