(٢) قال الشيخ محب الدين الخطيب في حاشيته على الكتاب عند هذا الموضع: "فالذين يريدون أن معاوية قتله بحق يقولون: ما من حكومة في الدنيا تعاقب بأقل من ذلك من يحصب أميره وهو قائم يخطب على المنبر في المسجد الجامع، مندفعا بعاطفة الحزبية. والذين يعارضونهم يذكرون فضائل حجر ويقولون: كان ينبغي لمعاوية أن لا يخرج عن سجيته من الحلم وسعة الصدر لمخالفيه. ويجيبهم الآخرون بأن معاوية يملك الحلم وسعة الصدر عند البغي عليه في شخصه، فأما البغي على الجماعة في شخص حاكمها وهو على منبر المسجد؛ فهو ما لا يملك معاوية أن يتسامح فيه، ولا سيما في مثل الكوفة التي أخرجت العدد الأكبر من أهل الفتنة الذين بغوا على عثمان بسبب مثل هذا التسامح، فكبدوا الأمة من دمائها وسمعتها وسلامة قلوبها ومواقف جهادها تضحيات غالية، كانت في غنى عنها لو أن هيبة الدولة حفظت بتأديب عدد قليل من أهل الرعونة والطيش في الوقت المناسب. والواقع أن معاوية كان فيه من حلم عثمان وسجاياه، إلا أنه في مواقف الحكم كان يتبصر في عاقبة عثمان وما جر إليه تمادي الذين اجترأوا عليه".