للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ عبدُ الله السعد: «وكون معاوية - رضي الله عنه - كاتباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرٌ مشهورٌ عند أهل العلم, واتِّخاذ سيد الخلق له كاتباً لوحي الله - عز وجل - منقبةٌ عظيمةٌ لمعاوية - رضي الله عنه -» (١).

إلا أنه قد رُوي أن كتابته للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت خاصة بالمراسلات بينه وبينه العرب، وقد ورد ما يردُّ هذا القول.

قال الذهبيُّ: «وذكر المفضَّل الغلابي: أنَّ زيد بن ثابت كان كاتب وحي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان معاوية كاتبه فيما بينه وبين العرب.

كذا قال! وقد صحَّ عن ابن عباس قال: كنت ألعب، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ادع لي معاوية، وكان يكتب الوحي (٢)» (٣).

ولما نقل ابن تيْميَّة قولَ ابن المطهِّر عن أهل السنة: «وسمُّوه: كاتب الوحي، ولم يكتب له كلمةً من الوحي»؛ أجاب عن ذلك فقال: «فهذا قولٌ بلا حجةٍ, فما الدليلُ على أنه لم يكتب له كلمة واحدة من الوحي, وإنما كان يكتب له الرسائل؟» (٤).


(١) فتح الواحد العليِّ في الدفاع عن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص: ٩٥).
(٢) أخرجه أحمد (٢٦٥١) بلفظ: "وكان كاتبه"، وأما لفظة: "وكان يكتب الوحي" فهي في دلائل النبوة للبيهقي (٦/ ٢٤٣)، وأصل الحديث في مسلم (٢٦٠٤) بدون هذه الزيادة، وسيأتي الكلام عن هذا الحديث -إن شاء الله- في فصل: "شبهات وردود".
(٣) تاريخ الإسلام (٤/ ٣٠٩). ونقله الذهبي أيضا في سير أعلام النبلاء (٣/ ١٢٢) لكنه جعله من قول أبي الحسن الكوفي، فقال: "ونقل المفضل الغلابي، عن أبي الحسن الكوفي"؛ فذكره، ولم يتعقبه الذهبي هناك، وأبو الحسن هذا هو المدائني، فقد نسب ابن حجر هذا القول إليه في الإصابة (٦/ ١٢١)، وقد تقدم الكلام في المدائني.
وقد ذكر الذهبي أيضا في الموضع السابق (٣/ ١٢٠) أنه "كتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرات يسيرة"!
(٤) منهاج السنة النبوية (٤/ ٤٢٧).

<<  <   >  >>