للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتب معاوية إلى عثمان: «إنه قدم عليَّ أقوامٌ ليست لهم عقولٌ ولا أديان، أثقلهم الإسلام، وأضجرهم العدل، لا يريدون الله بشيء، ولا يتكلمون بحجة، إنما همهم الفتنة وأموال أهل الذمة، والله مبتليهم ومختبرهم، ثم فاضحهم ومخزيهم، وليسوا بالذين ينكون أحداً إلا مع غيرهم، فانْهَ سَعيداً ومن قبله عنهم، فإنهم ليسوا لاكثر من شغبٍ أو نكير».

وخرج القوم من دمشق فقالوا: لا ترجعوا إلى الكوفة، فإنهم يشمتون بكم، وميلوا بنا إلى الجزيرة، ودعوا العراق والشام فأووا إلى الجزيرة، وسمع بهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد- وكان معاوية قد ولَّاه حمص وولى عامل الجزيرة حران والرقة- فدعا بهم، فقال: «يا آلة الشيطان، لا مرحباً بكم ولا أهلاً! قد رجع الشيطان محسوراً وأنتم بعد نشاط، خسر الله عبد الرحمن إن لم يؤدِّبكم حتى يحسركم، يا معشر من لا أدري أعرب أم عجم، لكي لا تقولوا لي ما يبلغني أنكم تقولون لمعاوية، أنا ابن خالد بن الوليد، أنا ابن من قد عجمته العاجمات، أنا ابن فاقئ الردة، والله لئن بلغنى يا صعصعة ابن ذل أن أحداً ممن معي دقَّ أنفك ثم امصك؛ لأطيرن بك طيرة بعيدة المهوى».

فأقامهم أشهرا كلما ركب أمشاهم، فإذا مر به صعصعة قال: «يا بن الحطيئة، أعلمت أن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر! ما لك لا تقول كما كان يبلغني أنك تقول لسعيد ومعاوية»! فيقول ويقولون: نتوب إلى الله، أَقِلْنا أقالك الله! فما زالوا به حتى قال: «تاب الله عليكم».

<<  <   >  >>