للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم في فعلهم هذا كله: مؤتمُّون بنصوص الكتاب والسنة، وأقوال المشهود لهم بالعلم والفضل من أكابر هذه الأمَّة، غير متعصبِّين ولا مُتشدِّدين، ولا بالعصمة للصحابة مُدَّعين، ولا لبعض النصوص -كما فعل خصماؤهم- تاركين، فرضي الله عنهم ورحمهم أجمعين.

واستمراراً لمسيرة هذا الركب المبارك، الذي يبعثه الله بين فترةٍ وأخرى على مدار الأيام، ليظهر بهم ما اندثر من تراث الأئمَّة السابقين، ويعيد نشر الفضائل للسابقين بين الحين والحين، ورغبةً مني في أن أُنظَم في سلك هؤلاء المدافعين عن خير هذه الأمة بعد المرسلين؛ جاء هذا الكتاب:

«فتحُ المنَّان بسيرة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -».

جمعتُ فيه شتات ما تفرَّق من سيرته، وبيَّنتُ فيه شيئاً من فضله ومكانته، مع ردِّ أشهر الأباطيل والافتراءات التي تُكلِّم بها في عرضه، وغُضَّ بها من قدره، علَّ هذا أن يكفَّ بأس المبتدعة الذين لا يزالون يتناسلون، ويهدي بعض الحيارى الذين وقعوا في شِباك الشبهات المنتشرة فهم تائهون يتساءلون، وأن يكون مُعيناً لكل باحث عن الحقِّ، في سيرة رجل من أصحاب خير الخلق - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا كان معاويةُ - رضي الله عنه - قد وقع بينه وبين بعض إخوانه من الصحابة كعليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعض نزاعٍ وشقاقٍ، ومال بعض الناس إلى طرف على حساب طرفٍ آخر، فمن فضل الله علينا أن أَوْجدنا في بيئةٍ وزمانٍ وضح فيه الحقُّ، وتبينت مآخذ كلِّ طرف من الطرفين، فلم نُربَّ أو نُنشَّأ على بغض طرف منهما، أو المغالاة في محبة أحدهما، وهذا مُعينٌ بإذن الله -بعد عون الله- على تحرِّي الإنصاف والحق.

يقول الذهبيُّ: «وخَلَفَ معاويةَ خلقٌ كثيرٌ يحبُّونه ويتغالون فيه، ويفضِّلونه، إمَّا قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإمَّا قد وُلدوا في الشام على حبِّه، وتربَّى أولادهم على ذلك.

<<  <   >  >>