للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر: «وكانت بيعةُ عليٍّ بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق، فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام، فكان بينهم بعد ما كان» (١).

ولا يُفهم من هذا الكلام أن معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام امتنعوا عن مبايعة علي لأنهم يرون معاوية أو غيره أحق بالخلافة، لا، ولكنهم أرادوا الثَّأر أَوَّلاً لدم عثمان قبل مبايعة علي، خاصة معاوية، فهو ابن عم عثمان، ويرى أنه أحق من يطالب بدمه لأنه وليه، ومن هنا نشأ الخلاف، وشبَّت الفتنة بين علي ومعاوية.

عن عُبيد بن أبي أمية الإيادي، قال: «جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية، فقالوا له: أنت تنازع عليَّاً! أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله، إني لأعلم أن عليَّاً أفضل مني، وأنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أنَّ عثمان قُتل مظلوماً؟ وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم عثمان، فائتوه فقولوا له، فليدفع إليَّ قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا عليَّاً فكلموه بذلك؛ فلم يدفعهم إليه» (٢).


(١) فتح الباري (٧/ ٧٢).
(٢) إسناده صحيح إلى عبيد: أخرجه يحيى بن سليمان الجعفي في كتاب صفِّين - كما في فتح الباري (١٣/ ٨٦) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١٣٢)، وحكم الحافظ ابن حجر على إسناده بأنه جيِّد.

<<  <   >  >>