للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «لما طلب علي من معاوية ورعيته أن يبايعوه امتنعوا عن بيعته، ولم يبايعوا معاوية، ولا قال أحد قط: إن معاوية مثل علي، أو إنه أحق من علي بالبيعة، بل الناس كانوا متفقين على أنَّ عليَّاً أفضل وأحق، ولكن طلبوا من عليٍّ أن يقيم الحد على قتلة عثمان، وكان عليٌّ غيرَ متمكن من ذلك لتفرق الكلمة وانتشار الرعية وقوة المعركة لأولئك، فامتنع هؤلاء عن بيعته، إمَّا لاعتقادهم أنه عاجز عن أخذ حقهم، وإما لتوهمهم محاباة أولئك، فقاتلهم عليٌّ لامتناعهم من بيعته، لا لأجل تأمير معاوية» (١).

وقال في موطن آخر: «وكذلك معاوية لم يبايعه أحد لما مات عثمان على الإمامة، ولا حين كان يقاتل عليَّاً بايعه أحد على الإمامة، ولا تسمَّى بأمير المؤمنين، ولا سمَّاه أحدٌ بذلك، ولا ادَّعى معاوية ولاية قبل حكم الحكمين.

وعليٌّ يسمي نفسه أمير المؤمنين في مدة خلافته، والمسلمون معه يسمونه أمير المؤمنين. لكن الذين قاتلوه مع معاوية ما كانوا يقرون له بذلك، ولا دخلوا في طاعته، مع اعترافهم بأنه ليس في القوم أفضل منه، ولكن ادعوا موانع تمنعهم عن طاعته.

ومع ذلك فلم يحاربوه، ولا دعوه وأصحابه إلى أن يبايع معاوية، ولا قالوا: أنت وإن كنت أفضل من معاوية لكنَّ معاوية أحق بالإمامة منك، فعليك أن تتبعه وإلا قاتلناك» (٢).


(١) جامع المسائل لابن تيمية (٦/ ٢٦٣ - ١٦٤). وانظر كذلك: مجموع الفتاوى له (٣٥/ ٧٢ - ٧٣)، والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (٤/ ١٢٤)، والصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة لابن حجر الهيتمي (٢/ ٦٢٢).
(٢) منهاج السنة النبوية (٦/ ٣٣٠ - ٣٣١).

<<  <   >  >>