للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما أراد عليٌّ توجيه الرسول إلى معاوية، قال جرير بن عبد الله: ابعثني إليه، فإنه لي ودٌّ حتى آتيه فأدعوه إلى الدخول في طاعتك، فقال الأشتر لعلى: لا تبعثه، فو الله إني لأظن هواه معه، فقال عليٌّ: دعه حتى ننظر ما الذي يرجع به إلينا، فبعثه إليه، وكتب معه كتاباً يعلمه فيه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ونكث طلحة والزبير، وما كان من حربه إياهما، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته، فشخص إليه جرير، فلما قدم عليه ماطله واستنظره، ودعا عَمْراً فاستشاره فيما كتب به إليه، فأشار عليه أن يرسل إلى وجوه الشام، ويلزم عليَّاً دم عثمان، ويقاتله بهم، ففعل ذلك معاوية، فلما قدم جرير بن عبد الله على عليٍّ فأخبره خبر معاوية واجتماع أهل الشام معه على قتاله، وأنهم يبكون على عثمان، ويقولون: إن عليَّاً قتله، وآوى قتلته، وأنهم لا ينتهون عنه حتى يقتلهم أو يقتلوه؛ فقال الأشتر لعلي: قد كنت نهيتك أن تبعث جريراً، وأخبرتك بعداوته وغشه، ولو كنت بعثتني كان خيراً من هذا الذي أقام عنده حتى لم يدع باباً يرجو فتحه إلا فتحه، ولا باباً يخاف منه إلا أغلقه، فقال جرير: لو كنت ثَمَّ لقتلوك، لقد ذكروا أنك من قتلة عثمان - رضي الله عنه -، فقال الأشتر: لو أتيتهم والله يا جرير لم يعيني جوابهم، ولحملتُ معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر، ولو أطاعني فيك أمير المؤمنين لحبسك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه حتى تستقيم هذه الأمور.

<<  <   >  >>