للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن أبي الصلت سليم الحضرمي: «شهدنا صفِّين، فأنا لعلى صفوفنا، وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء، فأتانا فارس على برذون، مقنعا بالحديد، فقال: السلام عليكم، فقلنا: وعليك، قال: فأين معاوية؟ قلنا: هو ذا، فأقبل حتى وقف، ثم حسر عن رأسه، فإذا هو أشعث بن قيس الكندي، رجلٌ أصلعٌ ليس في رأسه إلا شعرات، فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، هبوا أنكم قتلتم أهل العراق، فمن للبعوث والذراري؟ أم هبوا أنا قتلنا أهل الشام، فمن للبعوث والذراري؟ الله الله، فإن الله يقول: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله}، فقال له معاوية: فما الذي تريد؟ قال: نريد أن تخلُّوا بيننا وبين الماء، فوالله لتخلُنَّ بيننا وبين الماء، أو لنضعن أسيافنا على عواتقنا، ثم نمضي حتى نرد الماء أو نموت دونه، فقال معاوية لأبي الأعور عمرو بن سفيان: با أبا عبد الله خل بين إخواننا وبين الماء» (١).

لكن الرواية التي قبلها أصحُّ سنداً منها، والله أعلم.


(١) إسناده صحيح إلى أبي الصلت: أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب صفِّين -كما في تهذيب الكمال (٣/ ٢٩٢) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ١٣٧ - ١٣٨)، لكن يبقى أن أبا الصلت نفسه لا يُعرف حاله، فقد ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٤/ ٢١٢)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٧٢/ ٢٨٣)، ولم يذكرا فيه شيئا!

<<  <   >  >>