حنيفَة: لَا يحْجر على الْمُفلس بل يحبس حَتَّى تقضى الدُّيُون
فَإِن كَانَ لَهُ مَال لم يتَصَرَّف الْحَاكِم فِيهِ وَلَا يَبِيعهُ إِلَّا أَن يكون مَاله دَرَاهِم وَدينه دَرَاهِم فيقبضها القَاضِي بِغَيْر أمره وَإِن كَانَ دينه دَرَاهِم وَمَاله دَنَانِير بَاعهَا القَاضِي فِي دينه
وَاخْتلفُوا فِي تَصَرُّفَات الْمُفلس فِي مَاله بعد الْحجر عَلَيْهِ
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يحْجر عَلَيْهِ فِي تصرفه
وَإِن حكم بِهِ قَاض لم ينفذ قَضَاؤُهُ مَا لم يحكم بِهِ قَاض ثَان وَإِذا لم يَصح الْحجر عَلَيْهِ صحت تَصَرُّفَاته كلهَا سَوَاء احتملت الْفَسْخ أَو لم تحْتَمل
فَإِن نفذ الْحجر قَاض ثَان صَحَّ من تَصَرُّفَاته مَا لَا يحْتَمل الْفَسْخ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاق وَالتَّدْبِير وَالْعِتْق وَالِاسْتِيلَاد
وَبَطل مَا يحْتَمل الْفَسْخ كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَنَحْو ذَلِك
وَقَالَ مَالك: لَا ينفذ تصرفه فِي أَعْيَان مَاله بِبيع وَلَا هبة وَلَا عتق
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ
أَحدهمَا وَهُوَ الْأَظْهر كمذهب مَالك
وَالثَّانِي: تصح تَصَرُّفَاته
وَتَكون مَوْقُوفَة
فَإِن قضيت الدُّيُون من غير نقض التَّصَرُّف نفذ التَّصَرُّف
وَإِن لم تقض إِلَّا بنقضه فسخ مِنْهَا الأضعف فالأضعف
فَيبْدَأ بِالْهبةِ ثمَّ البيع ثمَّ الْعتْق
وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه: لَا ينفذ تصرفه فِي شَيْء إِلَّا فِي الْعتْق خَاصَّة
وَلَو كَانَ عِنْد الْمُفلس سلْعَة وأدركها صَاحبهَا وَلم يكن البَائِع قبض من ثمنهَا شَيْئا والمفلس حَيّ
قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: صَاحبهَا أَحَق بهَا من الْغُرَمَاء فيفوز بأخذها دونهم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: صَاحبهَا كَأحد الْغُرَمَاء يقاسمونه فِيهَا
فَلَو وجدهَا صَاحبهَا بعد موت الْمُفلس وَلم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا
قَالَ الشَّافِعِي: صَاحبهَا أَحَق بهَا كَمَا لَو كَانَ حَيا
وَقَالَ الثَّلَاثَة: صَاحبهَا أُسْوَة الْغُرَمَاء
فصل: الدّين إِذا كَانَ مُؤَجّلا هَل يحل بِالْحجرِ أم لَا
قَالَ مَالك: يحل
وَقَالَ أَحْمد: لَا يحل
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين وأصحهما: لَا يحل
وَأَبُو حنيفَة: لَا حجر عِنْده مُطلقًا
وَهل يحل الدّين بِالْمَوْتِ قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَمَالك: إِنَّه يحل
وَقَالَ أَحْمد وَحده: لَا يحل فِي أظهر روايتيه إِذا وثق الْوَرَثَة
وَلَو أقرّ الْمُفلس بدين بعد الْحجر تعلق الدّين بِذِمَّتِهِ وَلم يُشَارك الْمقر لَهُ الْغُرَمَاء الدّين وَحجر عَلَيْهِ لأجلهم عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ الشَّافِعِي: يشاركهم
وَهل تبَاع دَار الْمُفلس الَّتِي لَا غنى لَهُ عَن سكناهَا وخادمه الْمُحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يُبَاع ذَلِك
وَزَاد أَبُو حنيفَة وَقَالَ: لَا يُبَاع عَلَيْهِ شَيْء من الْعقار وَالْعرُوض
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يُبَاع ذَلِك كُله
وَإِذا ثَبت إِعْسَاره عِنْد الْحَاكِم فَهَل يحول الْحَاكِم بَينه وَبَين غُرَمَائه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة: يُخرجهُ الْحَاكِم من الْحَبْس وَلَا يحول بَينه وَبَين غُرَمَائه بعد خُرُوجه ويلازمونه