وَعَن أَحْمد رِوَايَة: أَن الْهِبَة تملك من غير قبض وَلَا بُد فِي الْقَبْض من أَن يكون بِإِذن الْوَاهِب خلافًا لأبي حنيفَة
وَهبة الْمشَاع جَائِزَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ كَالْبيع
وَيصِح قَبضه بِأَن يسلم الْوَاهِب الْجَمِيع إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ فيستوفي مِنْهُ حَقه
فَيكون نصيب شَرِيكه فِي يَده وَدِيعَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِم كالعبيد والجواهر جَازَت هِبته
وَإِن كَانَ مِمَّا يَنْقَسِم: لم تجز هبة شَيْء مِنْهُ مشَاعا
فصل: وَمن أعمر إنْسَانا
فَقَالَ: أعمرتك دَاري فَإِنَّهُ يكون قد وهب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا مُدَّة حَيَاته
وَإِذا مَاتَ رجعت رَقَبَة الدَّار إِلَى مَالِكهَا وَهُوَ المعمر
هَذَا مَذْهَب مَالك
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ: أعمرتك وَعَقِبك
فَإِن عقبه يملكُونَ مَنْفَعَتهَا
فَإِذا لم يبْق مِنْهُم أحد رجعت الرَّقَبَة إِلَى الْمَالِك لِأَنَّهُ وهب الْمَنْفَعَة وَلم يهب الرَّقَبَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه وَأحمد: تصير الدَّار ملكا للمعمر وورثته وَلَا تعود إِلَى ملك الْمُعْطى الَّذِي هُوَ المعمر
فَإِن لم يكن للمعمر وَارِث كَانَت لبيت المَال
وَللشَّافِعِيّ قَول آخر كمذهب مَالك
والرقبى جَائِزَة
وَحكمهَا حكم الْعُمْرَى عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: الرقبى الْمعينَة صَحِيحَة
فصل: وَمن وهب لأولاده شَيْئا
اسْتحبَّ أَن يُسَوِّي بَينهم عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَهُوَ الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي
وَمذهب أَحْمد وَمُحَمّد بن الْحسن إِلَى أَنه يفضل الذُّكُور على الْإِنَاث كقسمة الْإِرْث
وَهُوَ وَجه فِي مَذْهَب الشَّافِعِي
وَتَخْصِيص بعض الْأَوْلَاد بِالْهبةِ: مَكْرُوه بالِاتِّفَاقِ
وَكَذَا تَفْضِيل بَعضهم على بعض
وَإِذا فضل فَهَل يلْزمه الرُّجُوع الثَّلَاثَة على أَنه لَا يلْزمه وَقَالَ أَحْمد: يلْزمه الرُّجُوع
فَائِدَة: قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي الْقَوَاعِد: يسْتَحبّ التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد فِي الْوَقْف وَالصَّدَََقَة كَمَا يسْتَحبّ التَّسْوِيَة بَينهم فِي الْهِبَة
فَإِن كَانَ بعض الْأَوْلَاد فَقِيرا وَبَعْضهمْ غَنِيا فَفِي تَقْدِيم الْغَنِيّ على الْفَقِير نظر وَاحْتِمَال
فصل: وَإِذا وهب الْوَالِد لِابْنِهِ هبة
قَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع فِيهَا بِحَال
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَهُ الرُّجُوع بِكُل حَال
وَقَالَ مَالك: لَهُ الرُّجُوع وَلَو بعد الْقَبْض فِيمَا وهب لِابْنِهِ على جِهَة الصِّلَة والمحبة وَلَا يرجع فِيمَا وهبه لَهُ على جِهَة الصَّدَقَة
وَإِنَّمَا يسوغ الرُّجُوع مَا لم تَتَغَيَّر الْهِبَة فِي يَد الْوَلَد ويستحدث دينا بعد الْهِبَة أَو