الأَرْض وتحجرها حفر الأسراب فَأمر السُّلْطَان بِضَرْب اللَّبن وَجمع الأخشاب وَبِنَاء الْحِيطَان الْمُقَابلَة من الربض إِلَى الخَنْدَق وتسقيفها وتلفيق ستائرها وتأليفها فتمت دروبا وَاسِعَة لَا يزحم فِيهَا الجائي الذَّاهِب وتوافدت رجال الْعَسْكَر وَأَتْبَاعه وغلمانه وأشياعه على نقل مَا يرْمى فِي الخَنْدَق وَهَان طم الخَنْدَق بالدبابات الَّتِي قدمت والأسراب الَّتِي بنيت وأحكمت فَوجدَ النَّاس إِلَى الخَنْدَق طَرِيقا مهيعا فهم يزدحمون آمِنين من الْجراح عاملين بانشراح وَالنَّاس تَحت القلعة على شَفير الخَنْدَق لَا يستشعرون حذرا وَلَا يَخْشونَ سَهْما وَلَا حجرا وَقد امْتَلَأَ الخَنْدَق حَتَّى إِن أَسِيرًا مُقَيّدا رمى بِنَفسِهِ إِلَيْهِ وَنَجَا بَعْدَمَا توالى من الفرنج رمي الْحِجَارَة عَلَيْهِ
وَفِي بعض الْكتب الْعمادِيَّة وَلَوْلَا الخَنْدَق الْمَانِع من الْإِرَادَة وَأَنه لَيْسَ من الْخَنَادِق الْمُعْتَادَة بل هُوَ وَاد من الأودية وَاسع الأفنية لسهل المشرع وهجم الْموضع فَلم يبْق إِلَّا تَدْبِير طم الخَنْدَق وَالْأَخْذ بعد ذَلِك من الْعَدو بالمخنق فعملنا دبابات قدمناها وبنينا إِلَى شَفير الخَنْدَق ثَلَاثَة أسراب بِاللَّبنِ سقفناها وأحكمناها فَصَارَت مِنْهَا إِلَى طرف الخَنْدَق طرق آمِنَة وَشرع النَّاس فِي طم الخَنْدَق مِنْهَا ونفوسهم مطمئنة وَقُلُوبهمْ سَاكِنة
وَكَانَ الشُّرُوع فِيهِ يَوْم الْخَمِيس سَابِع جُمَادَى الأولى وَقد تسنى طمه وتهيأ ردمه وتسارع النَّاس إِلَيْهِ وازدحموا عَلَيْهِ وَلم يبْق صَغِير وَلَا كَبِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute