ذَرَارِيهمْ وَنِسَائِهِمْ وَلما أيسوا من النجَاة وَفتح أَبْوَابهَا المرتجة من أَسبَابهَا المرتجاة خوفوا بقتل الْأُسَارَى الْمُسلمين وهم أَكثر من ثَلَاثَة آلَاف وَأَنَّهُمْ يفسدون جَمِيع مَا فِي الْبَلَد من مَال وَبِنَاء بهدم وإحراق وَإِتْلَاف وَعرف أَن جهلهم على كل نكر شنيع وَأَنَّهُمْ تدعوهم فظاظتهم إِلَى كل ضرّ فظيع وبذلوا إِطْلَاق الأسرى وشرطوا حمل مَال الفدا وَمَا زَالُوا يبتهلون ويضرعون ويذلون ويخشعون حَتَّى اسْتَقر الْأَمر أَنهم يفادون وأجيبت الصَّخْرَة المقدسة عِنْد استصراخها وبركت الْبركَة الناهضة إِلَيْهَا فِي مناخها وغسلت من أوضارها وأوزارها بعبرات الْعُيُون وَرجع اضطرابها إِلَى السّكُون وفديت بنواظر أهل الْإِيمَان وصوفحت للوفاء بعهدها المجدد بالأيمان وَذكرت فِي يَوْم خلاصها من رَجَب بليلة الْمِعْرَاج وتجلى إظلامها بإنارة سنا السراج وأعيدت الْكَنَائِس مدارس وأضحت بإحياء رَمِيم التَّوْحِيد رسوم الْكفْر عَافِيَة دوارس وزالت ضجرة الصَّخْرَة ونعشها الله من العثرة وَبدل بالأنس فِيهَا مَا كَانَ من الوحشة وَالْحَسْرَة فَالْحَمْد لله على هَذِه النُّصْرَة والْمنَّة لَهُ على هَذِه المبرة
وَقد تسلمنا مَعَ بَيت الْمُقَدّس جَمِيع المعاقل من حد الداروم إِلَى حد طرابلس وكل مَا كَانَ جَارِيا فِي مملكة ملك الْقُدس ونابلس وَلم يبْق إِلَّا صور فَإِنَّهَا قد تَأَخّر انتزاعها وَتقدم امتناعها والفرنج فِيهَا قد ضريت بآمالها أطماعها وَهِي بتأييد الله مستفتحة والقلوب بتذليل جامحها منشرحة
وَمن كتب أخر فتح بَيت الله الْمُقَدّس الَّذِي عجز الْمُلُوك عَن تمنيه فَكيف تسنيه وَمَاتَتْ الأطماع دونه فَلم تطمع فِيهِ فَمن الله علينا بتذليل صعبه وإعذاب شربه وتسهيل وعره وَتَحْصِيل فخره وَقضى الْمُلُوك فِي