سنقر الْحلَبِي وَتَتَابَعَتْ العساكر وتجاوبت الْأَبْطَال وَقَامَت سوق الْحَرْب فَلم يكن إِلَّا سَاعَة حَتَّى رَأينَا الْقَوْم صرعى كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية وامتدوا مطروحين من خيام الْعَادِل إِلَى خيامهم أَوَّلهمْ فِي الخيم الإسلامية وَآخرهمْ فِي خيم الْعَدو صرعى على التلول والوهاد وَكَانَ مِقْدَار مَا امْتَدَّ فِيهِ الْقَتْلَى بَين المخيمين فرسخا وَرُبمَا زَاد على ذَلِك وَلم ينج من الْقَوْم إِلَّا النَّادِر
قَالَ وَلَقَد خضت فِي تِلْكَ الدِّمَاء بدابتي وَاجْتَهَدت على أَن أعدهم فَمَا قدرت على ذَلِك لكثرتهم وتفرقهم وشاهدت مِنْهُم امْرَأتَيْنِ مقتولتين وَحكى لي من شَاهد مِنْهُم أَربع نسْوَة يقاتلن وَأسر مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ وَأسر من الرِّجَال فِي ذَلِك الْيَوْم نفر يسير فَإِن السُّلْطَان كَانَ أَمر النَّاس أَلا يستبقوا أحدا
هَذَا كُله فِي الميمنة وَبَعض الْقلب وَأما الميسرة فَمَا اتَّصل الصائح بهم إِلَّا وَقد نجز الْأَمر وَقضي الْقَضَاء على الْعَدو لبعد مَا بَين المسافتين وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة فِيمَا بَين الظّهْر وَالْعصر فَإِن الْعَدو ظهر فِي قَائِم الظهيرة وانفصلت الْحَرْب بعد الْعَصْر وانكسر الْقَوْم حَتَّى دخلت طَائِفَة من الْمُسلمين وَرَاءَهُمْ إِلَى مخيمهم على مَا قيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute