فَأبى السُّلْطَان الانظار وَأمر بالنقب فخشي وأحرق فَوَقع بعض الْبَدنَة فَوضع الْعَدو أخشابا عَظِيمَة خلف النقب فالتهب فَمنع من الدُّخُول فِي الثلمة وقاتلت خَارج الْأَبْوَاب إِلَى اللَّيْل فَلَمَّا أَصْبحُوا وَقعت الْبَدنَة فعلا غُبَار مَعَ الدُّخان فأظلم الْأُفق وَمَا تجاسر أحد على الولوج خوفًا من اقتحام النَّار فَلَمَّا انكشفت الغبرة ظَهرت أسنة قد نابت مناب الأسوار ورماح قد سدت الثلمة حَتَّى عَن نُفُوذ الْأَبْصَار وَرَأى النَّاس هولا عَظِيما من صَبر الْقَوْم وثباتهم وَلَقَد رَأَيْت رجلَيْنِ على ممشى السُّور يمنعان المتسلق فِيهِ من حهة الثلمة وَقد أَتَى أَحدهمَا حجر المنجنيق فَأَخذه وَنزل إِلَى دَاخل فَقَامَ رَفِيقه فِي مقَامه متصديا لمثل مَا لحقه أسْرع من لمح الْبَصَر بِحَيْثُ لم يفرق بَينهمَا إِلَّا ناقد بَصِير
وَلما رأى الْعَدو مَا قد آل الْأَمر إِلَيْهِ سِيرُوا يطْلبُونَ الْأمان فَقَالَ - رَحمَه الله - الْفرس بِفَارِس والتركبلي بِمثلِهِ والراجل بالراجل وَالْعَاجِز فعلى قطيعة الْقُدس
فَنظر الرَّسُول وَرَأى الْقِتَال على الثلمة أَشد من إضرام النَّار فَسَأَلَ السُّلْطَان أَن يبطل الْقِتَال إِلَى أَن يعود فَقَالَ مَا أقدر على منع الْمُسلمين من هَذَا الْأَمر وَلَكِن ادخل إِلَى أَصْحَابك فَقل لَهُم ينحازون إِلَى القلعة ويتركون النَّاس يشتغلون بِالْبَلَدِ فَمَا بَقِي دونه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute